فى إشارة جديدة على تراجع أفلام المغامرة والإثارة والحركة مقابل القضايا الإنسانية انتزع فيلم (فوتوكوبي) لمخرجه تامر عشرى إعجاب الجمهور فى افتتاح مهرجان جمعية الفيلم فى مصر أمس السبت، رغم أن قصته تدور حول حياة اثنين من العجائز.
الفيلم بطولة محمود حميدة وشيرين رضا وبيومى فؤاد وعلى الطيب وفرح يوسف، وهو أول عمل روائى طويل لمخرجه وكذلك العمل السينمائى الأول لمؤلفه هيثم دبور.
بطل الفيلم "محمود فوتوكوبي" رجل متقاعد يملك محلا صغيرا لطباعة وتصوير المستندات ويعيش وحيدا بلا عائلة. يتعلق قلب محمود بجارته المسنة "صفية" التى تعيش وحيدة أيضا بعد أن مات زوجها وسافر ابنها للعمل بالخارج.
يحمل الفيلم طابعا إنسانيا رقيقا ينعكس فى التعامل الهادئ والمهذب لمحمود مع جيرانه وأبناء المنطقة حتى من هم أصغر منه سنا، ويضيف حبه لجارته صفية خيطا رومانسيا غير مألوف للفئة العمرية التى تخطت سن الستين والتى قليلا ما تناولتها السينما المصرية.
وعلى مدى 90 دقيقة ينشغل محمود، بجانب تعلقه بجارته، بسؤال "لماذا انقرضت الديناصورات" فى ربط فلسفى من صناع الفيلم بين عدم تأقلم الديناصورات مع بيئتها فى الماضى وعدم تكيف بطلى الفيلم المنتميان إلى الماضى بكل رومانسيته وقيمه الجمالية مع محيطهما المجتمعى الحالى الذى أصبح معقدا فى علاقاته وعشوائيا فى مساراته.
ونال الفيلم جائزة أفضل فيلم روائى عربى فى مهرجان الجونة السينمائى فى سبتمبر أيلول 2017 كما عرض فى عدة مهرجانات منها دبى السينمائى والقاهرة السينمائى الدولي. وقال المخرج تامر عشرى فى ندوة عقب عرض الفيلم بمركز الإبداع الفنى فى الأوبرا أمس السبت أدارتها الناقدة ماجدة خير الله "القصة بدأت من عند هيثم (دبور) لأن الفيلم مأخوذ عن قصة قصيرة ضمن مجموعة قصصية له صدرت قبل فترة.. أرسل لى معالجة للفيلم وقرأتها وتحمست جدا للفكرة وشعرت أن هذا يمكن أن يصبح أول فيلم روائى طويل لي".
وأضاف "موضوع الفيلم مختلف.. وفى السينما المصرية لا توجد أفلام كثيرة يكون فيها الأبطال فى مثل هذا السن لكن ما جذبنى للعمل هو العلاقات اللطيفة والحميمة بين الشخصيات والتى نفتقدها هذه الأيام وسط الصخب والزحام، وأعتقد أن هذا كان واضحا للمشاهد طوال الفيلم".
وقال عشرى إن الفيلم استغرق تصويره أقل من أربعة أسابيع وتم اختيار أحد شوارع حى مصر الجديدة للتصوير بدلا من حى العباسية الذى تدور فيه الأحداث نظرا للطبيعة المزدحمة للعباسية.
وقال صفى الدين محمود منتج الفيلم "مظبوط.. الساحة السينمائية لا تتقبل بسهولة مناقشة هذا النوع من الموضوعات، وبالتالى هو لون غير موجود، وبما إنه غير موجود فهذا أكثر شيء حمسنى لإنتاج الفيلم".
وأضاف "الفيلم عرض لأول مرة فى مهرجان الجونة وحصل على جائزة أفضل فيلم عربى وعرض كذلك فى عدد من المهرجانات لكن ربما لم ينل حظه من العرض التجارى فى دور السينما. هناك قنوات فضائية تطلب حقوق عرضه ومقالات نقدية أشادت به وهذا فى حد ذاته يحقق لنا قدرا كبيرا من الرضا وأعتقد أننا صنعنا فيلما سيعيش طويلا".
ويتنافس الفيلم مع ثمانية أفلام أخرى على جوائز الدورة الرابعة والأربعين لمهرجان جمعية الفيلم الذى يختتم فى فبراير شباط القادم.
وقال مؤلف الفيلم هيثم دبور "أنا أشبه الفيلم كثيرا، أميل إلى الماضى وشهدت على كثير من التغيرات التى طرأت على حى العباسية الذى كان فى الماضى مليئا بالصور والمبانى الجميلة وتحولت الآن إلى مدارس أو أزيلت وأقيمت مكانها عمارات كبيرة".
وأضاف "كل ما قصدناه من الفيلم هو مساحة التغيير التى تحدث، وأحيانا تكون عشوائية جدا لدرجة أنها تدهس الكثير فى طريقها.. تدهس البشر والأماكن وحتى العلاقات الإنسانية وبعض المعانى الجميلة فى الحياة".