فى نوفمبر 1967 وبعد نكسة يونيو تلقت سيدة الغناء العربى "أم كلثوم" دعوة من الجنرال شارل ديجول قائد فرنسا فى ذلك الوقت، وحملت الدعوة رسالة رقيقة من الجنرال قال فيها: "لقد خرج العرب بعد هزيمة 67 بمأساة وأريد من أم كلثوم رفع معنويات العرب هنا فى فرنسا".
كانت أم كلثوم من أوائل الفنانات اللاتى تبرعن وبذلن مجهودًا من أجل جمع المال والتبرعات لصالح المجهود الحربى، وقبلت أم كلثوم الدعوة بهدف رفع الروح المعنوية والحصول على مبالغ مالية كبيرة، وبالفعل ذهبت كوكب الشرق إلى باريس وقدمت واحدة من أهم حفلاتها حيث غنت 5 ساعات متواصلة، على "مسرح الأولمبيا" وبحضور الجنرال شارل ديجول والعديد من السفراء وممثلى الدول، وكان حفل أم كلثوم واحدًا من أقوى الأحداث الفنية فى القرن العشرين
قدم الحفل وقتها الإذاعى "جلال معوض" وكانت أم كلثوم ترتدي فستانًا أخضر اللون وما أن ظهرت على المسرح حتى دوت القاعة بالتصفيق الحاد الذى استمر عشر دقائق كاملة وهذا يعتبر رقما قياسيا لم تشهده "الأولمبيا" من قبل.
غنت أم كلثوم فى الحفل "الأطلال وأنت عمرى وفات الميعاد" وحققت "الست" من وراء هذا الحفل أرباحًا وصلت لـ 212 ألف جنيه إسترلينى ذهبت كلها للمجهود الحربى.
كما حصلت وقتها السيدة أم كلثوم على أعلى أجر ناله مطرب من الأولمبيا، وعلقت جريدة فرانس سوار على الحدث قائلة: الذين ذهبوا لسماع أم كلثوم شهدوا قداسًا دينيًا، وعندما سألتها الإذاعية الراحلة أماني ناشد: (ما هو المكان المفضل لك في باريس؟) ردت بتلقائيتها المعهودة: (المسلة لأنها من عندنا).
كتبت أم كلثوم برقية بخط يدها بلغة فرنسية بليغة حيث كانت تجيدها للرئيس الفرنسي شارل ديجول قالت فيها (لقد حللت بفرنسا العظيمة، وأردت أن أحيي فيكم وقوفكم مع العدالة وإلى جانب السلام).
وقبل أن تغادر فرنسا جاءها رد الرئيس الفرنسي هكذا (لقد لمست بصوتك سيدتي أحاسيس قلبي وقلوب الفرنسيين جميعًا)
يذكر أم كلثوم تعرضت لموقف محرج أثناء اندماجها بالغناء حيث اقتحم المسرح شاب حاول تقبيل قدميها إلا أنها رفضت بشدة وسحبت قدميها فسقطت على الأرض وساعدها أعضاء الفرقة فى النهوض إلا أنها أكملت الحفل بصورة طبيعية.