الاندماج في فن التمثيل موهبة ومدرسة لم يدخلها غير عدد قليل من النجوم، وملك الاندماج بلا منازع في السينما هو الفنان الراحل زكي رستم أحد أهم ممثلي السينما المصرية الذي جسد كل الأدوار وبرع في أدائها برغم تنوعها وتباينها، فتجده الموظف الغلبان المغلوب على أمره في فيلم " معلش يا زهر " وتجده المجرم والقاتل والسفاح وتاجر المخدرات المتخفي في ثوب الرجل التقي في فيلم " رصيف نمرة 5 ".
زكي رستم هو أبرع من قدم دور الباشا في الفيلم الشهير " نهر الحب " أمام فاتن حمامة وجميعنا نتذكر مقولته الشهيرة " يا نوال " بأدائه وصوته وهو ينطقها، وقدم دورا آخر من أهم أدواره أمام النجمة ماجدة في فيلم " أين عمري " الذي جسد فيه دور " عزيز " وأيضا يحمل هذا الفيلم جملة شهيرة تقولها البطلة " عمو عزيز " وغيرها وغيرها من الشخصيات التي جسدها ما بين الخير والشر وما بين القاع والفقر وما بين الباشاوات والطبقة الارستقراطية وكل دور يقدمه يقنعك به وتصدقه فيه فهو يتقمص أي شخصية تستند إليه مهما كانت حالتها النفسية ويقال إن الفنانة الراحلة فاتن حمامة كانت تخاف من اندماجه .
رحم الله ذلك الفنان الذي وهب حياته للفن ولم يتزوج ومنحه الرئيس جمال عبد الناصرعام 1962 وسام الفنون والعلوم والأدب وكتب عنه المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي جورج سادول إنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة، واختارته مجلة «بارى ماتش» الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل عشرة ممثلين عالميين، ويذكر عنه أنه عندما عرضت عليه شركة كولومبيا بطولة فيلم عالمي رفض ولما سألوه عن سبب الرفض قال بغضب "غير معقول اشتغل في فيلم يعادى العرب".