يُعد الزعيم حسن الترابي السياسى الوحيد داخل السودان الذى دعا الرئيس عمر البشير إلى التنحى عن منصبه، على خلفية اتهام المحكمة الجنائية له بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى إقليم دارفور، واستصدار مذكرة توقيف بحقه.
نشب خلاف بينه وبين الرئيس عمر البشير تطور حتى وقع انشقاق فى كيان النظام 1999، فخلع الترابي من مناصبه الرسمية والحزبية، وأسس عام 2001 "المؤتمر الشعبى"، كما سجن عدة مرات فى عهد جعفر النميرى.
وشغل منصب الأمين العام لحزب المؤتمر الوطنى حتى عام 1999، وهو عام المفاصلة الشهير بين الترابي والبشير، حيث قدم 10 من القياديين الإسلاميين مذكرة أطلق عليها مذكرة العشرة فى عام 1998 بغرض إصلاحات حزبية، وتقليص سلطات الترابي وهو الأمين العام، ورئيس البرلمان، والأب الروحى الذى يوجه الأوامر للجميع بمن فيهم الرئيس عمر البشير، لكن مظاهر خلافات بدت تظهر رويدًا رويدًا، ويؤكد الإسلاميون أن البشير الذى جاء عسكريًا مبتدئا فى علم السياسة ومناوراتها مسنودًا بقواعد الحركة الإسلامية التى تقدم ولاءها لقائدها ومرشدها؛ لم تكن تنقصه من الفطنة والذكاء حتى يبدى مبكرًا تضايقه من هيمنة الزعيم الكبير، فقد قام الترابي فى عام 1994 بإعلان حل مجلس قيادة الثورة قبل صدور القرار بواسطة الرئيس، وإن قبل البشير على مضض حل المجلس العسكرى، لكن البشير بعد ذلك رفض مقترحًا بالتقاعد من الجيش، وتمسك بأن وجوده فى الجيش يشكل ضمانة لتأمين الثورة، كما رفض البشير تعيين الترابي نائبًا أولاً له فى الحكومة بعد اقتراح تقدم به بعض الإسلاميين بعد وفاة نائب البشير ورفيق دربه الزبير محمد صالح فى حادثة سقوط طائرة فى فبراير 1998، وتضمن المقترح ثلاثة أسماء هى الترابي، على عثمان محمد طه، وعلى الحاج محمد، ويقول مقربون من البشير إن الرئيس قبل ترشيح طه، ورفض الترابى بحجة أنه لا يمكن أن يكون أعلى من شيخه مرتبةً.
فقرر البشير الإطاحة بالترابى وتجريده من كل أسلحته بحل المجلس الوطنى، ثم أعقب ذلك بتجميد منصب الأمين العام فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، وأمانته العامة، فترك الترابى الحزب والحكومة، وسلك طريق المعارضة ليكون الحزب الشهير "المؤتمر الشعبى، ليطبع علاقة الرجلين حالات الشد والجذب، وسبق الإصرار والترصد فى نسف كل ما جمعهما فى السابق من ود واحترام، ويصبح الترابى أكبر الزعماء معارضةً للحكومة التى ولدت من أفكاره، وتغذت بمشروعه الإسلامى، ونسج لها الخطط، وعمل على تمكين سلطاته فوق الأرض، ليتغير الموقف، فصار الترابى هو أكثر المعارضين ذهابًا لسجون البشير، حيث ذهب للسجن للمرة الثانية فى عام 2001 بعد أن وقع حزبه مذكرة تفاهم شهيرة مع الحركة الشعبية بزعامة جون قرنق، وهى كانت متمردة، ويعتبر الاقتراب منها خيانةً لكن الترابى بجرأته وقع المذكرة، والتى ذهب على أسرها إلى السجن، ليقضى قرابة الثلاثين شهرًا، ثم عاد إلى السجن للمرة الثالثة فى عام 2004، وربط بين سجنه وتحركات لحركة العدل والمساواة المتمردة فى إقليم دارفور المضطرب.