قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع اليوم الثلاثاء إن إقرار ما تسمى بـ"لجنة الخارجية والأمن" التابعة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، مشروع اقتطاع عوائد الضرائب للسلطة الوطنية، ليست سوى آليات لطحن البشر، وللقرصنة، والسرقة تحت غطاء القانون.
وأضاف قراقع - فى بيان صحفى - "بحجة دعم عائلات الأسرى والشهداء والجرحى، فإن هذا الاقتطاع سيستخدم لصالح الإرهابيين والمستوطنين الإسرائيليين، وهو أمر أكثر بشاعة ولا أخلاقية من الحرب نفسها، وسلخ للشعب الفلسطينى حيا".
وأكد قراقع أن "الهدف الإسرائيلى والأمريكى من خلال هذا الابتزاز، والضغط على السلطة الوطنية ليس ماديا، بقدر ما هو وضع كل النضال الوطنى الفلسطينى فى إطار الإرهاب والجريمة، وأن المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، التى يمثلها الأسرى والشهداء والجرحى، أصبحت بلا مشروعية ومجردة من أسسها القانونية والإنسانية، ومن الشرعية الدولية التى أجازت لأى شعب يخضع للاحتلال مقاومة هذا الاحتلال من أجل حريته وكرامته".
وبين قراقع أن إسرائيل تريد أن تحدث انقلابا على التاريخ الفلسطينى وكافة القرارات الدولية، فليس فقط ما تسعى إليه هو نسف الشخصية والمكانة القانونية لدولة فلسطين وأسراها وشهدائها، بعد اعتراف الأمم المتحدة والعديد من الدول بالدولة الفلسطينية، وإنما التنصل وبغطاء قانونى ودولي، عن مسؤولياتها الإنسانية والقانونية كقوة احتلال وبسبب احتلالها لفلسطين، واستكمال سياسة الضم الاستيطانى للأراضى الفلسطينية وإزاحة للشعب الفلسطينى من الوجود السياسي.
ودعا قراقع إلى التصدى بسرعة وبقوة للعدوان الإسرائيلى على المركز القانونى للأسرى والشهداء والجرحى ولمقاومة وكفاح الشعب الفلسطيني، فالإجراءات الإسرائيلية مخالفة أساسا لاتفاق أوسلو الذى أحال كافة الخدمات الإنسانية والاجتماعية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد أن ترك الاحتلال مصائب وفجائع جمة فى كل بيت فلسطيني، فالسلطة استلمت مجتمعا مدمرا ومأساويا وكارثيا.
وأضاف "أن من الضرورى أن نبرز الحقائق حول الإرهاب اليهودى المنظم والمدعوم من دولة الاحتلال رسميا، وما تقوم به حكومة إسرائيل من دعم مالى واجتماعى وقانونى للقتلة والإرهابيين اليهود والدفاع عنهم وإعانة عائلاتهم، إضافة إلى تمويل منظمات الإرهاب الاستيطانية التى ترتكب القتل، والحرق، والخطف بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، وكذلك فضح الخطاب الرسمى الإسرائيلى الذى يدافع عن القتلة والإرهابيين اليهود والذين أعدموا عن سبق وإصرار العشرات من أطفالنا وشبابنا وفتياتنا، ووقوف الحكومة الإسرائيلية للدفاع عن القتلة فى المحاكم العسكرية وإصدار العفو عنهم".
وشدد قراقع على أهمية التوجه إلى محكمة العدل الدولية لاستصدار فتوى حول المركز القانونى للأسرى والمعتقلين وفق القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، وذلك لتحصين الصفة القانونية للأسرى كمحميين وفق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والتأكيد على الوضع القانونى للأراضى الفلسطينية كأراض محتلة، وما لهذا الرأى القانونى من قيمة سياسية تمكننا من الدفاع عن الأسرى وحمايتهم وتعزيز المركز السياسى لدولة فلسطين.
وأوضح قراقع أن رعاية العائلات المتضررة على يد الاحتلال كفلها القانون الأساسى الفلسطينى فى المادة 22، والتى تنص على أن ينظم القانون خدمات التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز والشيخوخة، إضافة إلى أن رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمعاقين واجب ينظم القانون أحكامه، وتكفل السلطة الوطنية لهم خدمات التعليم والتأمين الصحى والاجتماعي.
وبين أن حكومة إسرائيل حولت قطاع الأسرى إلى سوق اقتصادى يدر الأموال الهائلة على الخزينة الإسرائيلية، دون أن يكلفها ثمن اعتقال الآلاف أى شيء، وقد وضعت الأسرى فى حالة أمر واقع يجعلها تتنصل من المسؤولية القانونية والأخلاقية عن حياتهم صحيا واقتصاديا وخدماتيا وتعليميا، وهى مرتاحة تماما من تلقى مخصصات "الكنتين" للأسرى فى السجون، وفى هذه الحالة البراغماتية لم يعد الأسرى "إرهابيين".
وأوضح أن التشريعات التعسفية العنصرية التى سنها "الكنيست" والتى بلغت ما يقارب 185 قانونا ومشروع قانون منذ عام 2014، تنتهك أحكام وأعراف القوانين الإنسانية والدولية، وتستهدف شرعنة السيطرة على الشعب الفلسطيني، ووضع تقنيات ترويضية للضم والسيطرة، فلم يعد الاحتلال مجرد مظهر عسكري، بل جزءا عميقا من الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، بحيث تحول كل الناس إلى سجناء دائمين طوال اليوم وطوال الحياة.
وجدد دعوة الأمم المتحدة للإعلان عن إخراج دولة إسرائيل من منظومة الدول الديمقراطية بصفتها دولة فصل عنصري، وتشرع الجريمة والانتهاكات تحت غطاء سلسلة من القوانين العنصرية، ودعوة اتحاد البرلمان الدولى إلى إعلان موقف من التشريعات العنصرية الإسرائيلية ومقاطعة البرلمان الإسرائيلى وإعلانه برلمانا عنصريا ومعاديا لحقوق الإنسان والديمقراطية.
وقال قراقع إن 99% من المعتقلين هم من السكان المدنيين المحميين وفق اتفاقيات جنيف الأربع، وإن حملات الاعتقال تحولت إلى عقاب جماعى يمس كل فئات الشعب الفلسطيني.
وختم قراقع بالقول "تستطيع إسرائيل أن تحتجز أموالنا بفعل القوة والقرصنة، لكنها لا تستطيع أن تحتجز كرامتنا الإنسانية والوطنية، ولا تستطيع أن تغير هويتنا من مناضلين من أجل الحرية إلى خاضعين أذلاء".