نقل سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخارى، إلى الرئيس اللبنانى ميشال عون، تعازى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، بوفاة البطريرك المارونى السابق نصر الله صفير.
وقال السفير السعودى – فى تصريح له عقب اللقاء – إنه نقل إلى الرئيس اللبنانى، تأكيد القيادة السعودية أهمية البطريرك الراحل، بوصفه أحد أهم ركائز السلام والعيش المشترك فى لبنان والعالم، وتمنيات قيادة المملكة للبنان بالمزيد من الاستقرار، مشيرا إلى أنه تم تكليفه بتمثيل المملكة العربية السعودية فى المأتم الذى يقام غدا فى مقر البطريركية المارونية.
وكان موكب السيارات الذى أقل جثمان البطريرك المارونى الراحل، قد انطلق فى تمام الساعة الثامنة صباحا من أمام المستشفى التى توفى فيها فجر الأحد الماضى عن عمر يناهز 99 عاما، جراء تعرضه لأزمة صحية رئوية استمرت نحو أسبوعين، بمنطقة الأشرفية (شرقى بيروت) باتجاه الصرح البطريركى.
واصطفت أعداد كبيرة من المواطنين اللبنانيين على جانبى الطريق أثناء مرور الموكب الذى يحمل الجثمان، ورفع الكثيرون منهم أعلام لبنان والورود وصور البطريرك الراحل، فى حين نثر آخرون الأرز على سيارات الموكب، فيما سار الموكب ببطء – وسط حراسة مشددة من قوات الجيش وجهاز قوى الأمن الداخلى - لتمكين المواطنين من مواكبته، إلى أن وصل إلى البطريركية المارونية فى (بكركي) نحو العاشرة والنصف صباحا، حيث أقرعت أجراس البطريركية تزامنا مع وصول الموكب الذى يقل الجثمان.
وعزفت فرقة موسيقية من قوى الأمن الداخلى الأناشيد لدى وصول جثمان البطريرك إلى بكركي، وتم نقل الجثمان إلى الصرح البطريركي، لتلاوة الصلوات التى تقدمها البطريرك المارونى الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي.
واستكمل البطريرك الراعى عقب تلاوة الصلوات، عملية استقبال وفود المعزين من الوزراء والنواب والدبلوماسيين الأجانب والمواطنين اللبنانيين. ومن المقرر أن يتم فى الغد تشييع جثمان البطريرك المارونى الراحل.
وكان رئيس الوزراء سعد الحريرى قد أصدر يوم الأحد قرارا بإعلان الحداد الرسمى على البطريرك المارونى السابق على مدى اليوم والغد، تنكس خلالهما الأعلام على سائر الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة والبلديات فى لبنان، وتعدل البرامج العادية فى محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب والحدث، كما تقرر أن يكون يوم تشييع الجثمان، يوم توقف عن العمل فى جميع الإدارات العامة والبلديات والمؤسسات العامة والخاصة.
والبطريرك صفير من مواليد مدينة كسروان بمحافظة جبل لبنان فى 15 مايو 1920 . وانتخبه مجلس المطارنة الموارنة بطريركا فى 19 أبريل 1986، وهو البطريرك الـ 76 فى سلسلة البطاركة الموارنة.
وتقدم البطريرك صفير مطلع عام 2011 باستقالته، طالبا إعفاءه من المهام البطريركية، وذلك جراء التقدم بالعمر، ليتم فى 15 مارس من نفس العام انتخاب المطران بشاره الراعى خلفا له.
وعرف عن البطريرك الراحل موقفه المناهض لسلاح حزب الله، معتبرا أن سلاح الحزب غير شرعى ويمثل تهديدا كبيرا للبنان وشعبه بأكمله وليس اللبنانيين المسيحيين وحدهم.
ومن أبرز مواقف البطريرك صفير السياسية مبادرته إلى تأييد وثيقة الوفاق الوطنى (اتفاق الطائف) الذى أبرم أواخر عام 1989 برعاية من المملكة العربية السعودية، وأنهى الحرب الأهلية اللبنانية الدامية التى استمرت من 1975 وحتى مطلع 1990 .
كما رعى البطريرك المارونى الراحل مصالحة الجبل مع الزعيم السياسى الدرزى وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمى الاشتراكي، والتى توجت بزيارة صفير إلى الجبل فى أغسطس عام 2001 لتطوى صفحة من التهجير والاقتتال العنيف بين المسيحيين الموارنة والدروز فيما عُرف بحرب الجبل والتى مثلت أحد الفصول الدموية للحرب الأهلية اللبنانية.
وكان البطريرك الراحل من الرافضين للوجود السورى فى لبنان، حيث دعا فى عام 2000 إلى خروج القوات السورية من لبنان، معتبرا أن الوجود السورى ينتقص من السيادة اللبنانية.
كما كان البطريرك صفير من الداعمين بقوة للتظاهرات الحاشدة التى أعقبت اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الراحل رفيق الحريري، فيما عُرف بـ "ثورة الأرز" .