أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريرى، ووزير الخارجية رئيس (التيار الوطنى الحر) جبران باسيل، أهمية تقديم "المصلحة الوطنية" على كافة الاعتبارات الأخرى، وتفعيل العمل الحكومى، وتهيئة المُناخ الملائم للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد.
جاء ذلك فى بيان أصدره المكتب الإعلامى لرئيس الوزراء اللبنانى، مساء اليوم، عقب الاجتماع المطول الذى عقده الحريرى وباسيل، فى أعقاب التوتر الحاد بين "تيار المستقبل" الذى يتزعمه الحريرى، و"التيار الوطنى الحر" الذى يتزعمه باسيل، على مدى الأسابيع الماضية.
وذكر البيان: "كان الاجتماع فرصة للتأكيد أيضا على ضرورة العمل على إنجاز الموازنة، ووضع البرنامج الاستثمارى الحكومى والخطة الاقتصادية وقضايا النفايات والنزوح والمهجرين والتعيينات، وكافة الملفات المعيشية والملفات التى تعالج إهدار المال العام وتكافح الفساد وتؤدى إلى رفع إنتاجية الحكومة والدولة بشكل عام، لتكون على جدول أعمال المرحلة المقبلة".
وأضاف: "خلص الاجتماع فى ضوء ذلك إلى أن التفاهم الذى حصل قبل حوالى 3 سنوات، قائم وسيستمر قويا وفاعلا بعد جلسة المصارحة التى عقدت اليوم، فى إطار التعاون مع كافة القوى الحكومية، لتوفير عوامل الاستقرار المطلوب، وتحقيق أعلى درجات التجانس فى العمل الوزاري".
وشهد لبنان على مدى الأسابيع الماضية توترا وسجالات واشتباكات كلامية حادة بين قيادات بتيار المستقبل والتيار الوطنى الحر، على خلفية تصريحات تم نسبها إلى رئيس التيار الوطنى الحر جبران باسيل، حول الدور السياسى للطوائف فى لبنان، وقارن فيها بين وضع الطائفة السُنّية والطائفة المسيحية المارونية بعد إبرام اتفاق الطائف، وهو الأمر الذى ألقى بظلال من الشك على مدى ثبات واستمرارية "التسوية السياسية الرئاسية".
ويُقصد بـ "التسوية الرئاسية" التفاهم السياسى الذى أبرمه الحريرى مع التيار الوطنى الحر فى أكتوبر 2016 والتى دعم بمقتضاه ترشح ووصول العماد ميشال عون (مؤسس التيار الوطنى الحر وزعيمه التاريخي) إلى رئاسة الجمهورية، والتراجع عن دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجيه زعيم (تيار المردة) رئيسا للبلاد.
واعتبر عدد من قيادات ونواب تيار المستقبل أن تصريحات الوزير باسيل تتسم بالطائفية والتحريض وتنطوى على استهداف للطائفة السُنّية فى لبنان، مشيرين إلى أن باسيل يسعى إلى تعديل اتفاق الطائف بالممارسة الفعلية على الأرض، والعمل على إضعاف مركز رئاسة الحكومة (الذى يشغله بحكم الدستور مسلم سُنّي) لحساب مركز رئاسة البلاد (الذى يشغله مسيحى ماروني).
ونفى باسيل صحة التصريحات المنسوبة إليه، مؤكدا أنه لم يدل بها، فى حين أعرب رئيس الحكومة سعد الحريرى عن انزعاجه الشديد من التبعات التى تسببت فيها هذه التصريحات، وعدم مسارعة رئيس التيار الوطنى الحر إلى نفيها فور تناقلها، مشددا فى نفس الوقت على أنه لن يسمح بالمساس بالطائفة السنية وتجاوز الدستور واتفاق الطائف وحدوث سجالات ذات أبعاد طائفية فى لبنان.
وهدأت حدة المواجهات الكلامية بين تيار المستقبل والتيار الوطنى الحر خلال الأيام القليلة الماضية، فى أعقاب قيام وفد من التيار الوطنى الحر، وكذلك وزير شئون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتى المقرب من الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطنى جبران باسيل، بزيارة إلى "دار الفتوى"، حيث أكد الوزير جريصاتى - فى مؤتمر صحفى عقب اللقاء مع مفتى الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان - حرص عون وباسيل على صلاحيات منصب رئاسة الحكومة و"العلاقة التفاهمية الكبيرة" مع الحريرى وتيار المستقبل، خاصة وأنهما يعتبران أن سعد الحريرى هو "الممثل الأقوى للطائفة السُنّية فى لبنان".