قالت وكالة الاسوشيتدبرس، الأحد، أن إعدام رجل الدين الشيعى المعروف، نمر النمر، بعد إدانته بالخروج على ولى الأمر، يهدد بإشعال التوترات السنية الشيعية فى صراع إقليمى قائم بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الشيعية "إيران".
وبينما تصر السعودية على أن أحكام الإعدام، التى شملت 47 شخصا بينهم عناصر من تنظيم القاعدة، جاء كجزء من الحرب على الإرهاب، فإن السياسيين فى إيران حذروا أن المملكة سوف تتكبد ثمنا غاليا بسبب إقدامها على إعدام النمر.
وفى أكتوبر 2014، حكم القضاء السعودى بالإعدام على رجل الدين الشيعى، بتهمة إشعال الفتنة الطائفية والخروج على ولى الأمر، ذلك بعدما قاد احتجاجات ضد السلطات فى شرق المملكة. ووُجهت أيضا للنمر، المعروف بمواقفه الحادة من الحكومة السعودية وتأييده للاحتجاجات فى البحرين وقيادة احتجاجات مشابهة فى المنطقة الشرقية، تهم "حمل السلاح فى وجه رجال الأمن" و"جلب التدخل الخارجى" و"دعم حالة التمرد فى البحرين".
وترى الأسوشيتدبرس أن إعدام النمر يهدد بفصل مُر جديد من صراع القوى الدائر بين السعودية وإيران كخصماء. وتشير إلى أن القوتين الأقليميتين يدعمون بالفعل أطراف متناقضة فى الحروب الأهلية فى سوريا واليمن. كما برزت السعودية كمعارض قوى للاتفاق النووى الذى عقدته القوى الدولية، يوليو الماضى، مع إيران والذى يقضى برفع العقوبات الإقتصادية الدولية المفروضة عليها مقابل تقويض برنامجها النووى.
وبالإضافة إلى ذلك فإن إعدام رجل الدين الشيعى من شأنه أن يلقى بظلاله على الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية إذ من المحتمل أن يتسبب فى تعقيد علاقتها مع السعودية. فبعد فتح سفارة السعودية فى بغداد لأول مرة منذ 25 عاما، الجمعة، كانت هناك دعوات عامة لرئيس الوزراء حيدر العبادى، السبت، لإغلاق السفارة مرة أخرى.
وفى تويتة على حسابه بموقع تويتر للتواصل الإجتماعى، كتب العبادى معربا عن صدمته وحزنه لإعدام النمر، مضيفا أن "الاحتجاج السلمى هو حق أساسى وأن القمع لا يدوم". وفى اتصال هاتفى مع الأسوشيتدبرس، قال شقيقه محمد النمر، أن السلطات السعودية لم تبلغ العائلة مكان دفن جثمان أخيه، مضيفا أن العائلة كانت ترغب فى دفنه.
من جانب آخر أثار إعدام السلطات السعودية 47 سجينا، بينهم نمر النمر، تنديدا دوليا وإقليميا واسعا، ومخاوف وقلقا من تنامى التوتر الطائفى الذى قد يجر منطقة الشرق الأوسط إلى عواقب وخيمة. وأعرب بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة، عن استيائه العميق إزاء إعدام 47 شخصا، داعيا الجميع إلى الهدوء وضبط النفس فى رد الفعل على حادث الإعدام.
وقال كى مون فى بيان صدر فى وقت متأخر، السبت، أن "إعدام الشيخ نمر باقر النمر وعدد آخر من السجناء، جاء بعد محاكمات أثارت مخاوف جدية حول طبيعة التهم"، مؤكدا فى ذات الوقت، على موقفه الثابت المناهض لعقوبة الإعدام، مستطردا بالقول "إن هناك حركة متنامية فى المجتمع الدولى من أجل إلغاء تلك العقوبة".
ودعا كى مون جميع القادة الإقليميين للعمل من أجل تجنب تصاعد التوترات، على خلفية اقتحام السفارة السعودية فى إيران وحرقها. من جهتها، علقت وزارة الخارجية الأمريكية على حادثة إعدام 47 شخصا فى السعودية وأعربت عن قلقها من احتمال تصعيد التوتر الطائفى فى المنطقة، خاصة بعد إعدام نمر النمر. وحثت الإدارة الأمريكية زعماء المنطقة على "مضاعفة الجهود لتخفيف حدة التوترات فى المنطقة".
وفى الإطار ذاته، عبر الاتحاد الأوروبى عن قلقه إزاء قيام السلطات السعودية بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق نمر النمر، وذكرت الممثلة العليا للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبى، فيدريكا موجيرينى، فى بيان "أن حالة النمر تحديدا من شأنها أن تعمل على إشعال التوترات الطائفية، التى ألحقت بالفعل المنطقة بأضرار كبيرة، يمكن أن تؤدى إلى عواقب وخيمة".
وشددت موجيرينى على رفض الاتحاد الأوروبى لعقوبة الإعدام عموما، وبشكل خاص الإعدامات الجماعية، ودعت السلطات السعودية إلى "تعزيز المصالحة بين مختلف المكونات بالمملكة"، كما دعت مختلف الأطراف إلى "التحلى بضبط النفس والمسؤولية"، وفق ما أورد البيان.
وعلى صعيد متصل، انتقدت منظمة العفو الدولية، تنفيذ السعودية أحكام الإعدام بحق 47 شخصا مدانين بالإرهاب فى يوم واحد، واصفة يوم الحكم بأنه "يوم دموى"، واعتبرت محاكمة الشيخ، نمر النمر، بأنها "تصفية حسابات سياسية غير عادلة".