قررت نقابة أصحاب محطات الوقود فى لبنان، تعليق الإضراب العام الذى كانت قد أعلنت عنه مساء أمس جراء تفاقم أزمة عدم توافر الدولار الأمريكى بسعر الصرف الرسمى لاستيراد المشتقات النفطية، معربة عن ثقتها برئيس الحكومة سعد الحريرى وقدرته على تحمل المسئولية والتوصل إلى حلول للأزمة التى تشهدها البلاد.
ومن المقرر أن يعقد ظهر اليوم اجتماع بين الحريرى ومسئولى قطاع المحروقات فى لبنان، للتوافق على آلية يتم بمقتضاها توفير الدولار لتمكين القائمين على القطاع من استيراد المشتقات النفطية مع عدم تكبدهم خسائر مالية جراء لجوئهم إلى السوق السوداء لشراء الدولار بأسعار تزيد عن السعر الذى يحدده البنك المركزى لصرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
وأكدت النقابة – فى ختام الاجتماع الذى عقدته صباح اليوم لأصحاب محطات الوقود فى البلاد – أنهم سيعاودون الاجتماع فى الغد، لتحديد موقفهم النهائي، وذلك فى ضوء ما سيسفر عنه الاجتماع الذى سيعقده رئيس الوزراء ظهر اليوم، وأنهم منفتحون على الحوار مع الحريرى .
وأشاروا إلى أن الإضراب ليس هدفا بحد ذاته، وأن أصحاب محطات الوقود لا يستهدفون إزعاج اللبنانيين وشل الحركة الاقتصادية فى البلاد، وأن الهدف من تحركاتهم الأخيرة كان لفت النظر إلى تكبدهم خسائر مالية جراء اضطرارهم إلى اللجوء للسوق السوداء وشركات الصرافة لتوفير الدولار من أجل استيراد المشتقات النفطية.
من جانبه، اعتبر رئيس اتحاد نقابات العاملين فى قطاع الغاز والتنقيب فى لبنان مارون الخولي، أن إطلاق أصحاب محطات الوقود التهديدات بالإضراب المفتوح، تسبب فى اضطراب فى الأسواق وذيوع حالة من القلق لدى المواطنين من إمكانية عدم توافر البنزين، مشددا على أن هذه التصرفات مرفوضة ومستهجنة، لا سيما وأن رئيس الحكومة كان قد وعد بإيجاد حل خلال أيام قليلة لهذه الأزمة.
وأشار إلى أن قرار أصحاب محطات الوقود، تسبب فى "زعزعة الاستقرار الاجتماعى فى لبنان" وأن ممارستهم تشبه تصرفات عصابات قطع الطرق، مشددا على أن أزمة البنزين فى طريقها إلى الحل النهائي، عبر قيام البنك المركزى بتوفير الدولار لكميات المشتقات النفطية المطلوب استيرادها شهريا.
وكانت نقابة أصحاب محطات الوقود قد أعلنت مساء أمس إضرابا عاما مفتوحا، بسبب أزمة الدولار الأمريكي، وسط انقسام بين نقابة أصحاب المحطات الداعية للإضراب من جهة، وشركات موزعى المحروقات ونقابة الصهاريج والشركات المستوردة للنفط الرافضة للإضراب من جهة أخرى.
وانعكس الانقسام النقابى ما بين التأييد والرفض للإضراب على عمل محطات الوقود، ففى حين التزمت عدد من محطات البنزين بالإضراب صباح اليوم وامتنعت عن البيع، تبين أن السواد الأعظم من المحطات قد عملت بشكل طبيعى واعتيادى فى عموم لبنان، ولم تتقيد بالإضراب.
وتسبب إعلان الإضراب فى حالة الهلع والبلبلة الواسعة فى عموم لبنان مساء أمس، حيث تهافت اللبنانيون حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، على محطات الوقود لتعبئة سياراتهم ومركباتهم، وتخزين الوقود فى جالونات، خشية تنفيذ الإضراب وعدم توافر الوقود، وشهدت الشوارع طوابير طويلة من السيارات أحدثت حالة من الزحام الخانق والتكدس المرورى لا سيما فى العاصمة بيروت.
ويمر لبنان بأزمة مالية واقتصادية حادة، تفاقمت أثارها خلال الأشهر الماضية وانعكست مؤخرا على مستوى توافر الدولار الأمريكى فى الأسواق، وذلك على الرغم من التطمينات المتجددة من قبل حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) رياض سلامة، والذى أعلن قبل عدة أيام أن الاحتياطى النقدى يبلغ 5ر38 مليار دولار بخلاف الاحتياطى الاستراتيجى من الذهب .
ويؤكد المستوردون فى عدد من القطاعات – وفى مقدمتهم مستوردى المشتقات النفطية - عدم توافر الدولار بسعر الصرف الرسمى مقابل الليرة اللبنانية (1507 ليرات للدولار الواحد) مشيرين إلى أنهم يستوردون السلع والبضائع والمواد الاستراتيجية بالدولار ويقومون ببيعها فى الأسواق بالليرة، وأن البنوك لم تعد توفر لهم الدولار للاستيراد، فيضطرون لشرائه من شركات الصرافة بقيمة تقارب 1600 ليرة بما يعرضهم لخسائر كبيرة.