طغت أجواء احتفالية على التظاهرات الحاشدة التى يشهدها لبنان منذ 4 أيام فى كافة أنحاء البلاد، احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مع تمسك المتظاهرين بمطالب رحيل الحكم والحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل حكومة اختصاصيين "تكنوقراط".
فى حين واصل رئيس الوزراء سعد الحريرى عقد اجتماعات ومشاورات مكثفة لساعات طويلة، بغية إيجاد توافق مع القوى السياسية الفاعلة حول تنفيذ فورى لحزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية، خاصة فى قطاع الكهرباء الذى يشهد أزمة وعجزا كبيرا يكبد الدولة مليارى دولار سنويا.
وقام المتظاهرون، لا سيما فى العاصمة بيروت ومدينة طرابلس (شمالى لبنان) بترديد النشيد الوطنى اللبنانى مرارا، وتشغيل الأغانى الوطنية اللبنانية من خلال مكبرات صوت عملاقة فى مختلف الساحات والميادين، معبرين عن غضبهم الشديد إزاء التراجع الكبير الذى يعيشه لبنان على مستويات عديدة فى مقدمتها البنى الأساسية وخدمات النقل والمياه الكهرباء والرعاية الصحية والضمان الاجتماعى.
وأعلن الحزب التقدمى الاشتراكى أنه سلّم رئيس الحكومة سعد الحريرى "ورقة اقتصادية" أعدها الاختصاصيون بالحزب، تتضمن رفضا لأية أعباء ضريبية على المواطنين، وحزمة من الحلول المالية والاقتصادية التى من شأن اعتمادها إيقاف إهدار المال العام وضبط عجز الموازنة.
وقال وائل أبو فاعور، وزير الصناعة القيادى بالحزب التقدمى الاشتراكى، إن من بين ما تضمنته الورقة الاقتصادية للحزب، إغلاق وتقليص عدد من السفارات والبعثات الدبلوماسية فى الدول التى لا يتواجد بها سوى أعداد قليلة من اللبنانيين، والبدء فى مناقصات إنشاء محطات الكهرباء، وملاحقة المعتدين على ممتلكات الدولة العامة وتحصيل الغرامات المالية المتوجبة منهم، وإيقاف سفر الوفود للخارج ترشيدا للنفقات، وإلغاء المخصصات المالية لكبار المسئولين والوزراء والنواب، وإلغاء عدد من إدارات الدولة التى لا جدوى من ورائها، وإغلاق المعابر الحدودية غير الشرعية وضبط التهرب الضريبى والتهريب الجمركي.
من جانبها، أعلنت الاتحادات والنقابات العمالية تأييدها للحراك الشعبي، ولمطالب المتظاهرين بتشكيل حكومة تكنوقراط لإنقاذ الأوضاع المالية والاقتصادية، على أن تتولى القوات المسلحة قيادة المرحلة الانتقالية لإعادة التماسك إلى مؤسسات الدولة، باعتبار أن قيادة الجيش تحظى بثقة كافة اللبنانيين.
من جهته، ترك وزير التربية والتعليم أكرم شهيب، لمديرى المدارس والمعاهد والجامعات، حرية اتخاذ القرار فى شأن استئناف العملية الدراسية من عدمه، فى ضوء تقديرهم للأوضاع المحيطة بمؤسساتهم التربوية، مع وجوب استئناف التدريس إذا سمحت الأوضاع فى الغد.
من ناحيته، قرر وزير الصحة جميل جبق، إغلاق جميع حضانات الأطفال يوم غد على مستوى البلاد، فى ضوء التظاهرات العارمة التى تشهدها البلاد.
من جانبه، دعا رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى وليد جنبلاط، إلى تنحى مجموعة من الوزراء، ومن بينهم وزير الخارجية رئيس التيار الوطنى الحر جبران باسيل، قائلا: "لا يمكننا البقاء مع هؤلاء الوزراء فى الحكومة".
وأشار جنبلاط إلى رفضه للورقة الاقتصادية التى قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري، داعيا إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة فى ضوء قانون جديد للانتخابات النيابية، لافتا إلى أن وزراء الحزب التقدمى الاشتراكي، وعلى الرغم من كافة التحفظات، سيشاركون فى اجتماع الحكومة الذى تقرر بصورة مبدئية عقده فى الغد.
من جانبه، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن الاحتجاجات الشعبية التى يشهدها لبنان، مرجعها أزمة عميقة وعدم ثقة اللبنانيين بالطاقم السياسى الحاكم، مرجحا ألا تلقى الورقة الاقتصادية الإصلاحية التى أعدها رئيس الوزراء سعد الحريرى، قبولا لدى المتظاهرين الذى يريدون تغييرا جذريا يتمثل فى تشكيل حكومة جديدة على أسس مختلفة.
وقال جعجع: "تشكيل حكومات ما يسمى بالوحدة الوطنية أثبت فشله، كونه يأتى بأطراف متعددة ذات مشاريع مختلفة على نحو يتسبب فى الجمود وإصابة العمل الحكومى بالشلل".