كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، عن خطورة الأزمة القانونية والإنسانية الهائلة التى اختار العالم تجاهلها إلى حد كبير بزيارة نادرة أجراها مراسلو الصحيفة هذا الأسبوع إلى سجون للسكان السابقين للمناطق التى كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش الإرهابى شمال شرق سوريا.
وذكرت الصحيفة- فى سياق تقرير نشرته، اليوم الخميس- أنه مع انهيار الخلافة المزعومة لـ (داعش) في سوريا، انتهى مصير عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال هناك فى معسكرات مزرية وسجون مزدحمة تديرها الميليشيات التي يقودها الأكراد والتى ساندتهم الولايات المتحدة لدحر التنظيم الإرهابى.
واستدركت قائلة إن عدوان تركيا العسكري ضد القوات الكردية أدى إلى اندلاع موجة جديدة من العنف وإضعاف سيطرة الأكراد على المنطقة، مما أثار شكوكا بشأن مصير أعداد مهولة من الأشخاص الذين نجوا من الإطاحة بـ (داعش) وتم إيداعهم منذ ذلك الحين فى السجون ومعسكرات الاعتقال.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى رفض العديد من أوطان هؤلاء الأشخاص استرجاعهم، خوفًا من أن ينشروا أفكارًا متطرفة أو يشنون هجمات إرهابية، وفضلت حكومات تلك الدول تركهم في عهدة القوات الكردية، التى تفتقر إلى الموارد اللازمة لإيوائهم وإطعامهم وحمايتهم، إذ أن موارد الأكراد أقل بكثير مما يحتاجه الأطفال للتعليم وإعادة التأهيل.
وأشارت إلى اكتظاظ الزنازين الصغيرة بالمُحتجزين القاصرين والأطفال الذين يتراوح عمرهم ما بين 9 و14 عامًا، أحضرهم آباؤهم إلى سوريا وكان مصيرهم الموت أو الاعتقال وظل هؤلاء الأطفال هنا فى هذه السجون والمعسكرات منذ شهور لا يعرفون ما يخبئه لهم المستقبل.
وأوضحت (نيويورك تايمز) أن إحدى الزنازين تضم حوالى 86 قاصرًا من سوريا والعراق وموريشيوس وروسيا وأماكن أخرى، فيما تضم أخرى 67 مُراهقًا أحدهم روسى فى التاسعة من عمره، عندما سُئل عن مكان والديه أجاب ببساطة "لقد قتلوا".
وقال صبي من سورينام "دولية فى جنوب أمريكا" داخل زنزانته "لدى سؤال.. ماذا سيحدث لنا؟ هل سيخرج الأطفال؟".
وأضافت الصحيفة الأمريكية، أن مصير المُحتجزين فى السجون شمال سوريا ازداد تعقيدا بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته من المنطقة، وهو قرار مهد الطريق لتركيا لبدء هجومها على الأكراد "حلفاء أمريكا المحوريين في الحرب ضد داعش".
واعتبرت (نيويورك تايمز) أزمة الاعتقال في شمال شرق سوريا هي نتيجة ثانوية قاتمة للحرب ضد (داعش)، إذ يفترض الحراس الأكراد أن أغلب الرجال المُحتجزين كانوا مقاتلين في صفوف (داعش)، وأن أغلبهم لا يزال يحمل أيدولوجية التنظيم الإرهابية، فيما قال رجل فلسطيني بساق مكسورة مُحتجز إنه ذهب إلى سوريا لطلب المساعدة، وأشار مُحتجز روسى إلى أنه كان يعمل طباخًا في مدرسة ابتدائية، وأوضح آخر من (ترينيداد) أنه كان يعمل في إصلاح السيارات.
وفى عشرات المقابلات التى أجراها مراسلو (نيويورك تايمز) في سجنين، لم يعترف أحد بأنه مقاتل.. أراد معظمهم العودة إلى موطنهم أو الحصول على العفو لنبذهم (داعش).
ووفقًا لـ (نيويورك تايمز)، لم يتضح حتى الآن سبب احتجاز بعض القاصرين في السجن، بينما نُقل أغلب أطفال مقاتلي (داعش) وأتباعهم إلى معسكرات الاعتقال.
وقال صبى يبلغ من العمر 16 عامًا من موريشيوس، إن الأوضاع شديدة السوء هنا فى السجن، ودعا إلى التعجيل بالمحاكمة واتخاذ القرار، لقد عشنا أشهر في هذه الظروف بدون معرفة ماذا الذى سيحدث، وإذا استمر الوضع كذلك، ربما نُصاب بالجنون، يمكنهم القول بإننا إرهابيون حاربنا مع داعش، ولكننا لا نزال بشرًا.