دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى ضرورة إيلاء قطاع البيئة الاهتمام اللازم ووضعه على أولويات الدول العربية باعتبار أن استدامة الموارد الطبيعية وحسن استخدامها هى الأساس للتنمية ورخاء الشعوب العربية.
ونبه "أبو الغيط"، فى كلمته اليوم الخميس أمام الدورة الـ31 لمجلس وزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة وألقاها نيابة عنه الوزير المفوض جمال جاب الله مدير إدارة البيئة والإسكان والموارد المائية، إلى أن جهود المنطقة العربية فى حماية البيئة تواجه تحديًا كبيرًا، محذرًا فى الوقت ذاته من خطورة ما وصفه بـ"صراع المصالح" فى العالم والذى أدى إلى بروز ظواهر على مستوى العلاقات السياسية وتحالفات معلنة وغير معلنة أحيانًا يمكن وصفها بـ"القطاعية".
ولفت أبو الغيط إلى أن المنطقة العربية ليست بمعزل عن هذا الصراع وتأثيراته وتداعياته حيث شهدت هزات عنيفة كادت أن تقضى على الدولة الوطنية ولكنها فى الوقت ذلك أحدثت دمارًا بيئيًا وكان المجال الحيوى هو المتضرر الحقيقى من هذه التداعيات، حيث تواجه المنطقة تحديات تمس حاضر ومستقبل الشعوب ما يحتم على الجميع حكومات وشعوبا التصدى لها بكل قوة وعزيمة وثبات من خلال التمسك بالتضامن العربى ووحدة الصف والتركيز على أن تكون المساهمة العربية فى المجهود العالمى لتحقيق خطة التنمية المستدامة 2030 فى بعدها البيئى التى أقرها المجتمع الدولي.
وأكد أهمية شعار يوم البيئة العربى لهذا العام "نفاياتنا.. ثروة مهدرة"، وكذلك محور الدورة بشأن "الحلول البيئية المبتكرة لإدارة النفايات الصلبة" لرفع الوعى المجتمعى بقضايا البيئة، مشددا على أهمية مسألة النفايات والتى تم التركيز عليها فى الجمعية العامة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، معتبرًا أن مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة يواكب بذلك ما يجرى على المستوى الدولى ويتسق مع الأولويات العربية البيئية.
ومن جانبه، دعا ميلاد عبد الله ميلاد وزير الحكم المحلى الليبى رئيس الاجتماع إلى ضرورة تضافر الجهود لحل المشكلات السياسية؛ نظرًا لانعكاساتها البيئية على حياة المواطنين فى المنطقة وتأثيراتها السلبية على تحقيق التنمية المستدامة 2030، مشيرًا إلى أن الصراعات فى ليبيا وسوريا واليمن زادت من مشكلات البيئة.
وقال ميلاد إن هذه الصراعات لها تأثيرات على البيئة وتعيق مسيرة التنمية بسبب انعكاسها السلبى على المواطن، كما تزيد من الضغوطات على الموارد الطبيعية واستدامتها ما يزيد من تحديات تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أهمية تحقيق التكامل العربى من خلال رسم خطط واستراتيجيات والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات والقوانين واللوائح المحلية والإقليمية والدولية باعتبار أن المحيط البيئى لا يعرف الحدود الجغرافية بين الدول والأقاليم وأن أى تدهور فى هذا المجال سيؤثر على الجميع، ولابد من استراتيجيات للوقاية وحماية البيئة حفاظا على صحة الإنسان والتنوع البيولوجى والتقليل من انبعاث ملوثات الهواء وتلوث المياه والبحار والمحيطات والنفايات الضارة وغيرها؛ تحقيقًا لأهداف التنمية المستدامة 2030.
وأشار إلى أن ليبيا تولى اهتمامًا خاصًا بمشكلات البيئة المحلية والإقليمية وقامت خلال السنوات الماضية بالعديد من المجهودات والأنشطة ذات الطابع المحلى والإقليمى والدولى وكانت من الدول السباقة فى إصدار قانون عام لحماية البيئة عام 1982 وإنشاء هيئة عامة للبيئة 1985.
وبدوره، أكد السفير على الحلبى سفير لبنان لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، الذى ترأست بلاده الدورة السابقة للمجلس، أن السلام والحكومة البيئية المتطورة يشكلان عاملين رئيسيين فى تحقيق الازدهار والاستقرار والتعافى البيئى فى المنطقة العربية.
وقال "الحلبي" إن هناك حاجة لتطوير آليات مستدامة لخلق فرص عمل وتعزيز المشاركة والصحة العامة وتعزيز القدرة التنافسية والابتكار، داعيًا إلى تضافر الجهود بين كافة القطاعات بما يكفل شمولية والرؤية وتكامل المبادرات.
ونبه "الحلبي" إلى أن القضية البيئية تبقى هى الأكثر خطورة، فكل تدمير للبيئة والموارد الطبيعية لا يمكن تعويضه، كما أن تأثيره لا يقتصر على الحاضر بل آثاره السلبية تمتد لتتجذر فى المستقبل، فتقضى على كل أمل بمستقبل أفضل لأولادنا.
وأضاف أن العالم -كما عالمنا العربي- يشهد تخبطًا بمحاور التنمية المستدامة الثلاثة: الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي، وأصبح هناك يقين أن النمو الاقتصادى لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تحقيق التنمية المستدامة إلا أن المحور البيئى غالبًا ما يسقط سهوًا من المعادلة ما ينعكس سلبًا على المحورين الاقتصادى والاجتماعي.
وقال "الحلبي" إن لبنان من أكثر الدول تأثرًا بالنزوح السورى حيث بلغ عدد النازحين إليها بشكل دائم منذ اندلاع الأزمة السورية فى عام 2011، حوالى 1.5 مليون نازح، لافتا إلى أن إمكانيات لبنان تعجز عن استقبال هذا العدد سواء مقارنة بمساحته أو البنية التحتية وموارده الطبيعية لا سيما ارتفاع إنتاج النفايات الصلبة و"المياه المبتذلة" وزيادة الطلب على المياه فضلا عن الآثار البيئية السلبية التى يصعب معالجتها.
وأشار إلى التداعيات السلبية للعدوان الإسرائيلى على لبنان فى 2006 وتسرب 15 ألف طن من مادة "الفويل أويل" التى نتج عنها تداعيات خطيرة على صحة الإنسان والبيئة والحياة البحرية ومصائد الأسماك والسياحة والاقتصاد، وأكد أهمية السلام والحوكمة البيئية المتطورة كعاملين رئيسيين فى تحقيق الاستقرار والتعافى البيئى فى المنطقة العربية.