شهدت العديد من المناطق اللبنانية، الليلة، تحركات من قبل المتظاهرين والمحتجين، اعتراضا على ما اعتبروه "مماطلة" من قبل السلطة السياسية في الاستجابة لمطالب التظاهرات التي كانت قد اندلعت قبل أسبوعين، والالتفاف على تلك المطالب.
وتدفقت تجمعات كبيرة من المتظاهرين إلى الشوارع قبيل منتصف ليل الخميس، واحتشدوا في عدد من الساحات، لا سيما في مدن طرابلس وعكار (شمالا) وصيدا (جنوبا) وعدد من الشوارع الرئيسية في العاصمة بيروت، وقطعوا مجموعة من الطرق الرئيسية عبر افتراشها أو من خلال وضع صناديق النفايات والإطارات في منتصف تلك الطرق وإضرام النيران بها.
ودفع الجيش والقوى الأمنية بتعزيزات كبيرة في مناطق نزول المتظاهرين، حيث انتشرت بصورة مكثفة دون الاصطدام مع المحتجين في معظم المناطق، في حين حاولت قوات الجيش في بعض الأماكن منع المتظاهرين من قطع الطرق عبر تشكيل سياج بشري من عناصر الجيش لضمان استمرار حركة السير.
واعتبر المتظاهرون أن التأخر في اتخاذ القرار ببدء "الاستشارات النيابية" كإجراء ملزم لاختيار رئيس الحكومة الجديد، يأتي من قبيل المماطلة في تلبية مطالب المحتجين، مؤكدين أنهم لا يكتفون بمجرد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري والحكومة، وأنهم مصرون على تنفيذ مطالبهم بتشكيل حكومة جديدة من الاختصاصيين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة والعمل على محاسبة مرتكبي جرائم الفساد والعدوان على المال العام.
من جانبه، قرر وزير التربية والتعليم أكرم شهيب، تفويض مديري المدارس في اتخاذ قرار استئناف الدراسة أو تمديد إغلاق المدارس في الغد، وذلك في ضوء إغلاق عدد من الطرق، وحفاظا على سلامة المعلمين والطلاب.
وكان وزير التعليم قد أصدر ظهر الأربعاء قرارا باستئناف العملية الدراسية في عموم البلاد ابتداء من الخميس، بعد أن كانت المدارس والجامعات قد أغلقت أبوابها منذ أن بدأت موجة الاحتجاجات في لبنان قبل نحو أسبوعين.
وكانت حالة من الهدوء قد سادت البلاد اعتبارا من صباح الأربعاء، بعد انحسار أعداد المتظاهرين والمحتجين بصورة كبيرة، وانسحابهم من معظم الشوارع والساحات والميادين وإخلائها، على نحو تم معه فتح كافة الطرق المغلقة في جميع أنحاء البلاد.
ويشهد لبنان منذ مساء 17 أكتوبر الجاري سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية العارمة في عموم البلاد، اعتراضا على التراجع الشديد في مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذي أصاب الخدمات التي تقدمها الدولة لاسيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.