أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن الجامعة تولي اهتماماً كبيراً بكافة الموضوعات المتعلقة بتهيئة بيئة الاستثمار في المنطقة العربية ، مشيرا إلى أنه يجري الآن العمل على إعداد اتفاقية جديدة للاستثمار في الدول العربية من أجل استيعاب التطورات الاقتصادية على المستوى الدولي بما في ذلك المفاهيم الحديثة، مثل مفاهيم التنمية المستدامة، واقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي.
وقال أبو الغيط - في كلمته اليوم الأربعاء أمام المنتدى العالمي للاستثمار في ريادة الأعمال - إن هذه الاتفاقية الجديدة ستعمل على تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في المنطقة العربية، وإزالة كافة المعوقات التي تواجه المستثمرين.
واعتبر أبو الغيط أن مفتاح نجاح برامج التنمية والتحديث الاقتصادي في العالم العربي هو تمكنها من استقطاب المواهب والكفاءات، وتأهيلها ووضعها في المكان الذي تستحقه، حيث أن الفجوة الرئيسية التي تفصلنا عن اللحاق بركب الدول المتقدمة وتطورات الاقتصاد العالمي تتعلق بالأساس بقوة رأس المال البشري في وقت صارت فيه المعرفة والابتكار، هما المولد الأكبر للقيمة المضافة العالية في ظل تسارع الظاهرة المسماة بالثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها المختلفة.
وقال إن الاستعداد لمواجهة تبعات هذه الثورة التكنولوجية يتعين أن يحتل صدارة أولوياتنا في المرحلة القادمة، ويتطلب هذا جهداً أكبر في تقليص الفجوة الرقمية مع مناطق العالم الأخرى، إذ لازال أكثر من نصف سكان العالم العربي غير متصلين بالإنترنت ، كما لا تزال البنية الأساسية الرقمية غير جاهزة لإطلاق إمكانيات المجتمعات والاستفادة الكاملة من طاقات شبابها.
وأضاف إن سكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شباباً، وإن لم نحسن تأهيل شبابنا فسوف تتحول هذه الكتلة الشبابية إلى عبء على الاقتصادات، بل ومحرك للاضطرابات كما نشاهد في بعض البلدان ، وعلى الأرجح بيئة خصبة لشتى صنوف التطرف الديني والسياسي.
وأوضح أن النمو المنشود أداته الإنسان وغايته الإنسان، ولا يتحقق سوى بالاستثمار في الإنسان؛ تعليماً وصحة ، غذاءً وكساءً ، ثقافة ووعي، مؤكدا أن المفتاح هو التعليم الذي يعد العامل الأساسي في بناء ومراكمة رأس المال البشري.
وأكد أن العالم العربي يحتاج وقفة حقيقية مع النفس فيما يتعلق بأهمية تطوير مستويات التعليم ، مشيرا إلى أن الأهم هو معالجة الفجوة بين التعليم وسوق العمل وضعف العلاقة بين مخرجات التعليم ومقتضيات النمو الشامل.
وقال أبو الغيط إن الاقتصاد الجديد في العصر الرقمي يرتكز في الأساس على الابداع والابتكار كمولد للقيمة المضافة، لافتا إلى أن عدداً مُعتبراً من كبريات الشركات والمشروعات الناشئة في العالم ، خاصةً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، جاء ثمرة لابتكار عقول شابة لم تتجاوز العقد الثالث، اتاحت لها مجتمعاتها الفرصة للنبوغ والتفوق.
وتابع أبو الغيط : "وقد بدأنا نشهد في السنوات الأخيرة بوادر انطلاقة مماثلة لريادة الأعمال في العالم العربي، يقودها الشباب ، ويتعين أن تسارع الحكومات في تعزيز هذه الانطلاقة ومجاراتها في مجال القوانين والتشريع وبيئة الاستثمار".
وأشار إلى نتائج القمة التنموية العربية الأخيرة التي عُقدت في بيروت في شهر يناير 2019 ، حيث أكد القادة العرب على ضرورة تنمية المهارات وتشجيع الإبداع والابتكار بهدف بناء الإنسان وإتاحة الفرصة للمواطن المنتج الذي يساهم في بناء وتنمية المجتمع العربي من أجل تحقيق مكاسب إنسانية واجتماعية واقتصادية، كما أكد القادة العرب على أهمية وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي إدراكاً لأهمية مواكبة التطور التكنولوجي والمعلوماتي وما أحدثه هذا التطور من تغيرات كبرى في تنظيم الاقتصاد العالمي.
ولفت إلى أن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بادر بإنشاء صندوق الاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي برأس مال قدره مائتي مليون دولار أمريكي.
وقال "أبو الغيط" إن الابداع والابتكار هما بوابة العبور الوحيدة إلي مستقبل آمن ومزدهر، وأن مجتمعاتنا تنطوي على امكانيات هائلة وفرص لا محدودة للنجاح والتفوق، غير أن الأمر يحتاج إلي تهيئة المناخ المناسب لإخراج تلك الطاقات.
وشدد على أهمية أهمية المحور الرئيسي الذي تم مناقشة أبعاده خلال أعمال المنتدى، وهو "تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال ريادة الأعمال والابتكار"، بالإضافة إلى المحاور والعناصر الأخرى التي تمت مناقشتها والمتعلقة بالفرص والتحديات المرتبطة بتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في الدول النامية، وكيفية تسخير إمكانات الثورة الصناعية الرابعة في الاقتصاد الرقمي وغيره من المجالات.