اتفق قانونيون ومختصون على أن الأنظمة السعودية تعاقب بالسجن لمدة تصل إلى عام وغرامة تصل إلى 50 ألف ريال، لولى الأمر الذى يجبر من هن فى ولايته على الزواج بمن لا ترغب به أو تكرهه، وفيما توصف هذه الجريمة قانونياً بأنها "تحجير للمرأة"، وشدد مختصون على أن المشرع سن العقوبة المناسبة لهذه المخالفات، التى لا تتناسب مع كرامة المرأة وتقيدها طيلة حياتها.
ووفقا لما نشر على موقع صحيفة "عكاظ" السعودية، بين القاضى السابق نصر اليمنى، أن إجبار الفتاة على الزواج، مخالفة لأمر النبى محمد ، إذ أوجب استئذانها، وهو ما يمنع الإجبار، لافتاً إلى أن الزواج له مقاصد فى الشريعة لا تتحقق مع الإجبار؛ لذا حاربت وزارة العدل هذا الإجبار، وأصدرت تعميماً لمأذونى الأنكحة بوجوب سماع رد المرأة وقبولها للزواج، وعدم السماع من أى شخص آخر نيابة عنها.
وقال "الحر لا يجبر على شيء، والمرأة حرة، وفى إجبارها نوع من العبودية غير الجائزة"، واصفاً الإيذاء فى مجال الحرية والاختيار بأنه من أعظم أنواع الإيذاء الجسدى، مشيراً إلى أنه "ولو رفعت المرأة الأمر للقاضى، وذكرت بأنها لا تطيق الرجل، وقد أجبرت على الزواج، فإن القاضى يأمر بطلاقها".
واتفق المحامى عصام الملا، على أن الإجبار على الزواج إيذاء، وشكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، متجاوزاً بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية.
وقال دخل فى إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره فى الوفاء بواجباته أو التزاماته فى توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم. وتمسك الملا بالمادة الـ 13 من نظام الحماية من الإيذاء التى يمكن لأى فتاة المطالبة بتنفيذها أمام محكمة الأحوال الشخصية، فى حالة إجبارها على الزواج بأحد الأشخاص، وقال يتم النظر فى القضية على الفور، مشيراً إلى أن السعودية سبق أن وقعت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مما يستوجب تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية.
حددت أستاذة الشريعة فى جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتورة هالة أبو عامر، فى بحث محكّم أجرته بعنوان "المسؤولية الجنائية عن التحجير على المرأة فى النكاح فى النظام السعودى"، 3 صور توضح التحجير أو الإجبار وهى: حجز البنت لقريب لها منذ صغرها، ومنعها من الزواج من غيره، وهى الصورة الأكثر شيوعاً فى القبائل العربية، وتوارثتها المجتمعات على مدى أجيال عديدة، إذ يقوم أحد الأشخاص بتحجير ابنة عمه ومنعها من الزواج بغيره، مهدداً أباها والشخص الذى يريد الزواج بها، لأن ابن العم أو القريب يرى أنه أحق بالزواج بابنة عمه أو قريبته من غيره.
والصورة الثانية، أن يتقدم خاطب ليخطب الفتاة فيطلب الولى إمهاله حتى يسأل أبناء عمومتها فيما إذا رغب بها أحدهم، بغض النظر عن كفاءة القريب ورضا المخطوبة أو عدمه، وفى حال رغبة أحدهم فى الفتاة أعلن الولى التحجير عليها.
و تأتى الصورة الثالثة، فى منع المرأة من النكاح إلا من شخص بعينه سواء أكان بينها وبينه قرابة أم لم يكن، مع عدم رغبتها بالنكاح منه، وقد يكون ذلك بناء على اتفاق مسبق بين الخاطب والولي، وكثيراً ما ترتبط هذه الصورة ارتباطاً وثيقاً بمصلحة مادية أو معنوية تعود على الولي.
ونصت المادة الـ 13 من نظام الحماية من الإيذاء، على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 5000 ريال، ولا تزيد على 50 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلاً شكّل جريمة من أفعال الإيذاء الواردة فى المادة من هذا النظام، وفى حال العود تضاعف العقوبة، وللمحكمة المختصة إصدار عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية".
ووصفت المادة من هذا النظام الإيذاء، بأنه: "كل شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية، أو الجنسية أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر متجاوزاً بذلك حدود ما له من ولاية عليه، أو سلطة أو مسؤولية، أو بسبب ما يربطها من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة، أو وصاية أو تبعية معيشية ويدخل فى إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره فى الوفاء بواجباته أو التزاماته فى توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظام توفير تلك الحاجات لهم".