أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، اليوم الأحد ، أن التعديلات الدستورية المرتقبة تهدف إلى بناء دولة قوية وتجنيبها الاضطرابات التي تشهدها العديد من دول العالم.
وقال تبون في كلمة له بمناسبة احتفال المجلس الدستوري بالذكرى الثلاثين لتأسيسه، ألقاها نيابة عنه مستشاره بوعلام بوعلام، إن "فكرة تعديل الدستور تعديلا عميقا وشاملا والتي عبرنا عنها قبل الانتخابات الرئاسية الماضية وبعدها بإعتبارها خطوة أساسية نحو الجمهورية الجديدة التي نؤمن بضرورة بنائها والتي يحتل فيها تعديل الدستور أولوية، الهدف منها دولة قوية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون ويمارسون فيها حقوقهم بكل حرية في إطار القانون".
وأضاف: "التعديل الدستوري يهدف أيضا إلى مساندة ومرافقة مسار انفتاح المجتمع الجزائري على العصرنة في ظل احترام قيمه الحضارية والعمل على الحفاظ على استقراره وتجنيبه الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة التي تحيط بنا رفقة العديد من دول العالم الذي يشهد تحولات عميقة".
وأكد أن الجزائر تستعد اليوم لتعديل دستورها بمنهجية مدروسة، حيث تزامن انطلاق مشاورات مع شخصيات وطنية حول هذا المسعى أساسا مع تكليف لجنة صياغة أوكلت لها مهمة تحضير تعديل الدستور، والتي تتشكل من خبراء ذوي مستوى علمي رفيع على أن يعقب ذلك نقاش واسع لمناقشته داخل البرلمان، والتي ستبث مباشرة على مختلف وسائل الإعلام حتى يدرك المواطن ويشارك في النقاش حول مختلف محاور التعديل، كما سيشمل النقاش أيضا مختلف شرائح الطبقة السياسية والمجتمع المدني".
وقال إن "منهجيتنا في تنفيذ هذه النظرة تقوم على أسس متينة وثابتة بعيداً عن أي تصدع أو تحريف أو ارتجال، الأمر الذي من شأنه تجنيب بلادنا التي عانت من ويلات ومآسي الإرهاب وعدم الاستقرار وعبر شعبنا عن رفضها جملة وتفصيلاً"، مشيراً إلى أنه "وبنفس هذه النظرة تسعى الجزائر، وأعلنت أنها لن تدخر أي جهد في سبيل إحلال السلم والاستقرار وحل النزاعات وبؤر التوتر سواء في البلدان المجاورة كمالي وليبيا أو في أي مكان أخر في أفريقيا وباقي ربوع العالم، وهو مبدأ راسخ في السياسة الخارجية للدولة الجزائرية".
واعتبر أن تعديل الدستور يمليه الالتزام بضرورة التعبير عن طموحات الشعب إزاء التغيرات التي أفرزها الحراك الشعبي المبارك، مشيرا إلى أنه أكد أكثر من مرة إلتزامه بتلبية مطالبه وكل المستجدات التي ترتبت عن الواقع الجديد للبلاد على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وقال إن خيار مراجعة الدستور يعد محطة أولى ضمن رؤية شاملة ترمي إلى تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة وتصب في مسعى تمكين مجتمعنا من التحرر تدريجيا والتحكم في مقاييس العصرنة في إطار القيم الحضارية، مضيفا أن هذا الخيار يعبر بحق عن بناء مشروع مجتمع عصري بدأنا إنجازه بخطى حثيثة وثابتة، مشروع مجتمع يقوم أولاً وقبل كل شيء على تعزيز وتدعيم الانسجام والوفاق الوطني، إنطلاقا من إعداد دستور يقوم على مرتكزات وجدت توافقاً وطنياً حولها.
وأشار إلى أن هذه المرتكزات تتمثل أساسا في حماية حريات وحقوق المواطن والحياة العامة ومكافحة الفساد بكل أشكاله، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وزيادة دور البرلمان في دعم عمل الحكومة، وتعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون، والتكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات وتقنين المجال الاعلامي وتحسين نوعية الحكم.
وأكد الرئيس تبون أن الاحتفال بذكرى تأسيس المجلس الدستوري يعد فرصة للوقوف وقفة تأمل وتقييم للأشواط التي قطعتها الجزائر في مجال القضاء الدستوري، الذي أصبح يكتسي أهمية بالغة في إرساء دولة القانون وترسيخ القيم الدستورية وحماية الحقوق والحريات"، معرباً عن دعمه الكامل لما يبذله المجلس من مجهودات كبيرة تفكيراً وتحليلاً وبحثاً في سبيل إرساء قيم العدالة وحماية حقوق المواطن وحرياته وإرساء قواعد الاستقرار والسلم والعدل في العالم والتعاون والتكامل الذي تنشده الجزائر لتحقيق تنمية متوازية تعود بالخير على الجميع".