شهدت مناطق متفرقة من العاصمة اللبنانية بيروت وعدد من المحافظات الأخرى، تهافتا كبيرا من المواطنين اللبنانيين على المخابز والأفران لشراء الخبز، قبل ساعات من دخولها فى إضراب عام مفتوح احتجاجا على عدم استجابة الدولة لمطلب دعم القمح وزيادة أسعار الخبز فى ضوء ارتفاع أسعار المواد الأولية لصناعته.
وكانت الجمعية العمومية لاتحاد نقابة المخابز والأفران فى لبنان قد أعلنت قبل يومين إضرابا عموميا ابتداء من اليوم الإثنين ، وذلك ما لم تستجب الدولة لمطلبهم بدعم القمح، مشيرين إلى أن المخابز والأفران تتكبد خسائر مالية كبيرة يوميا فى ظل عدم توافر الدولار الأمريكى لاستيراد المواد الأولية التى تدخل فى عملية صناعة رغيف الخبز ، لا سيما المازوت لتشغيل الأفران والمخابز، والقمح والخميرة والسكر والأكياس البلاستيكية، وانخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
وتكالب المواطنون على الأفران والمخابز فى مختلف المحافظات اللبنانية واصطفوا فى طوابير طويلة لشراء الخبز، تحسبا لانقطاع الخبز من الأسواق مع دخول الإضراب حيز التنفيذ، فى حين عمدت بعض الأفران فى مناطق متفرقة إلى إغلاق أبوابها فى ساعات مبكرة من اليوم.
وسادت حالة من الغضب الشديد عددا من المناطق، كما شوهدت طوابير طويلة أمام المخابز والأفران وتطور الوضع إلى مشاحنات وصلت فى بعض الأحيان إلى إشتباك بالأيدى بين المواطنين بعدما عمد أشخاص إلى شراء كميات كبيرة من الخبز ، الأمر الذى أدى إلى اصطفاف الآخرين فى طوابير لأوقات طويلة.
من جانبهم، قامت تجمعات من المواطنين بقطع الطرق فى مناطق متفرقة من العاصمة بيروت ومحافظات أخرى، اعتراضا على إضراب الأفران والمخابز وعدم التمكن من شراء الخبز، واستخدم المحتجون الإطارات المشتعلة لإيقاف حركة السير.
وأعرب المحتجون عن غضبهم الشديد إزاء تفاقم الأزمات فى لبنان ووصولها إلى الخبز، بعد أزمات البنوك والوقود والمستلزمات الطبية والشُح فى الدولار الأمريكى ، مشددين على أن الأزمات بلغت حدا غير مقبول يطال كرامتهم بعدم قدرتهم على الحصول على الخبز.
وأكد المحتجون أنهم لا يقبلون بالأسباب التى دعت أصحاب الأفران والمخابز إلى إعلان الإضراب، مشيرين إلى أنهم سينظمون دعوات لمقاطعة كافة الأفران والمخابز التى ستستجيب لقرار الإضراب العام، فى حين قال آخرون إنهم سيهاجمون الأفران والمخابز إذا ما نفذت تهديدها بالإضراب.
ويشهد لبنان أزمة مالية واقتصادية ونقدية حادة وتدهورا فى الأوضاع المعيشية، على نحو غير مسبوق منذ فترة انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.
وتسارعت وتيرة الأزمة الاقتصادية بصورة كبيرة تزامنا مع انتفاضة اللبنانيين المستمرة منذ 17 أكتوبر الماضي، حيث تشهد البلاد أزمات فى مختلف القطاعات الأساسية، لا سيما المحروقات والمشتقات النفطية، والكهرباء، والعلاج والأدوية، والقمح وغيرها.
كما تسبب النقص الحاد فى الدولار الأمريكى إلى اهتزاز سعر صرف الليرة اللبنانية وانخفاضه بنحو 50% فى السوق الموازية وتراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية ووجود سعرين للصرف، الأول بمعرفة البنك المركزى (الدولار يساوى 1500 ليرة) والثانى فى السوق الموازية (الدولار يساوى 2200 ليرة بحد أدنى) بما أدى إلى تراجع حركة الاستيراد بصورة كبيرة وتأثر العديد من القطاعات الأساسية فى البلاد وجمود شبه كامل فى حركة التجارة والصناعة.