لم يكن الرجل العربى، المتصرّف الوحيد بالألقاب المفخمة، يوجهها إلى ذاته، ويحرم منها المرأة، بل على العكس، حصدت المرأة، أجمل الألقاب فى التاريخ العربى والإسلامى، وكان ما يحسبه البعض لقباً، اسماً فى الحقيقة، لعدد منهن، الأمر الذى زاد من الدلالة المنوطة به، ويبدو تعبير "ستّ الكل" الذى يكثر استعماله فى مصر، وغير دولة عربية، من المخاطبات التى يتم فيها تبجيل المرأة، سواء المرأة الأم، أو المرأة الزوجة، أو الأخت، أو أى سيدة موضوع تبجيل ما. إلا أن الإخباريين العرب، سجلوا السيدات اللاتى حملن هذا اللقب، ستّ الكل، والمفاجأة أنه كان اسماً شخصياً لبعضهن، لا لقباً! كما يبدو فى إغفال الإخباريين للاسم الشخصى والاستعاضة عنه بما كان يظن لقباً، إلا إذا كان الإخبارى غير عارف بالاسم الشخصي.
ووفقا لما نشر على موقع "العربية"، بُجِّلت المرأة العربية، بلقب "ستّ الكل" المشهور الذى لا يزال سائداً فى التخاطب، إلى يومنا الحاضر، إنما يعتقد أنه كان اسماً للبعض من السيدات العربيات، كستّ الكلّ، ابنة إبراهيم الجيلانى النويرى، وكانت وفاتها سنة 828 هـ.
وستّ الكل، ابنة أحمد بن إمام الدين محمد وصولاً فى النسب إلى المكية، وهى من أهل القرن الثامن الهجرى أيضاً.
وممن يعتقد أن "ست الكل" اسم لهن، ابنة محمد بن عمر الكيلانى المكي، وست الكل ابنة محمد بن شهاب، انتهاء بالطبرى، وتاريخ وفاتها سنة 867هـ.
وكان "ست الكل" لقباً، لا اسماً، للسيدة سعيدة، ابنة على بن محمد بن عمر الفاكهى، وفاتها كانت سنة 744هـ، ويلاحظ أنه عندما يكون لقباً، يقوم الإخباريون بذكر الاسم الشخصي.
وحول الستّ، يوجد رأيان فى تاريخ العربية، الأول يقول إن الستّ أصله، فى سيدتي، ثم خفف على الكثرة وشيوع الاستعمال، والرأى الثاني، يقول إن الرجل عندما يخاطب المرأة بـ "يا ستّي" فهو يقصد يا ستّ جهاتي، أى أنها تحيط به، من جهاته كلها.
وأبدعت العربية، فى نحت ألقاب من الست، وصار الستّات يرفلن بأجمل ما يمكن إلحاقه بكلمة ستّ، فهناك من تدعى : ستّ من يراها! أى أنها سيدة لأى شخص تقع عيناه عليها، وهو تفخيم هائل وتبجيل غير مسبوق لا نظير له، فى الألقاب والأسماء.
وحملت اللقب، ابنة على بن محمد بن إبراهيم المصرى الشهير بابن حلاوة، وهى من أبناء القرن الثامن الهجري.
وفى المقابل، من ستّ من يراها، فهناك ستّ الجميع! وتتحرك الألقاب جميعها، بعد كلمة الستّ على أى مسمى يفيد بالإحاطة والشمول، إشارة إلى تبجيل التى تم تبجيلها، فست الجميع يعنى مبجلة من الجميع، وحملت اللقب أو كان اسماً، لابنة محمد بن محمد بن على بن أحمد، ويشير إلى ولادتها الإخباريون بأنها كانت سنة 838هـ .
وهناك ستّ الجميع، أُخرى، وهو ما بين اللقب والاسم، وهى ابنة محمد بن أبى السعود، وولدت سنة 845ه، فيما انتهت حياة ستّ الجميع الثالثة، بمأساوية، غرقاً فى سنة 878ه، وهى ابنة على بن أحمد بن ناصر القرشى الشيبي.
ومن بين الستات، ستّ العرب، وفيها ابنة محمد بن أبى الخير، وستّ العرب ابنة ناصر الدين وصولا إلى ابن العديم الحلبي، وهى من أهل القرن التاسع الهجري.
ويتواصل تفخيم "الستات" فى البيئة العربية، ويصل إلى ستّ الأجناس، وهو لقب فخم حملته موفقية ابنة عبد الوهاب بن عتيق، وحددت تاريخ وفاتها فى سنة 712 ه. ومثلما يقال "سيد الناس" للرجل، فيقال أيضا "ستّ الناس" وهو لقبٌ حملته كمالية ابنة أحمد بن رافع، وتاريخ وفاتها سنة 731 ه.
فضلاً من الستّات المفخمات بلفظ الكل والجميع ومن يراها، والأجناس، فهناك ستّ الشام، ابنة أحمد بن أبى بكر وصولا إلى القرشي، وولدت سنة 838ه، وهى شقيقة لستّ الجميع. وهناك "ستّ العراق" ابنة أحمد بن ناصر البالسى المصري، وتاريخ وفاتها سنة 867ه،
وهناك "ست العيش"، وأصبحت "ست القضاة"، و"ست الوزراء" ثم "ستّ الملوك".
وعُرف أن هناك "ست الكتبة"، و"ستّ الأهل"، و"ست الرَّكْب" إنما ستّ الستّات، والذى يستعمل إلى الآن، فبحسب ما طالعته "العربية.نت" فى المصنفات العربية التى تعنى بتراجم المتأخرين، لم يتم العثور على ملقَّبة لهذا اللقب، وريثما يتم العثور على سيدة عربية حملت هذا اللقب قديما ودوّن رسمياً كلقب أو اسم لها، فإن سِتّ الستّات هو لقب دَوّار، يستعمله الرجل كيف أراد للزوجة والحبيبة، والابن للأم، والمبجِّل لأى مبجَّلة كانت.