وجه أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، رسالةً هنأ فيها الأمة العربية بالعيد الماسي للجامعة ومرور خمسة وسبعين عاماً على تأسيسها في نفس هذا اليوم في عام 1945.
وجاء في رسالة أبو الغيط أنه في مثل هذا اليوم منذ 75 عاماً اتخذ العربُ قراراً تاريخياً بتأسيس بيت جامع يضمهم في رحابه، ونظام مؤسسي يُترجم الرابطة الحضارية التي يشعرون بها إزاء بعضهم البعض.. تلك هي الجامعة العربية التي جسدت وعياً جديداً سرى في أوصال هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها بأن لسانها عربيٌ، وثقافتها عربية، وشعورها وضميرها ووجدانها عربيٌ.
وأضاف أبو الغيط أن المنظمة قطعت رحلة طويلة من التحديات، ومن الإنجازات والإخفاقات، وأنها عبّرت عن صوت العرب الجماعي وجسدت دفاعهم من قضاياهم ومقدراتهم .. "ماوسعهم جهدهم، وفي ضوء مُعطيات زمانهم".
وأكد أبو الغيط أن الجامعة لا تُعاني أزمة وجود؛ إذ أن هذه الأمة لم تكن أحوج إلى هذا البيت الجامع في أي وقتٍ مضى أكثر مما هي الآن، ذلك أن الدولة الوطنية العربية تواجه اليوم تحدياتٍ غير مسبوقة في حدتها وخطورتها.. تحدياتٍ تتعلق، في بعض الحالات للأسف، بوحدة ترابها وسيادتها ووجودها ذاته، مُضيفاً أنها تحدياتٌ لن تستطيع الدول العربية مواجهتها فُرادى.
وتابع الأمين العام للجامعة في رسالته: "ولن يستطيع العرب اللحاق بالعصر وحماية مقدراتهم المادية والبشرية -وهي أكثر مما نتصور- إلا لو اقتنعوا بأن أمنهم القومي هو وحدة واحدة .. وكلٌ لا يتجزأ .. من هُرمز إلى جبل طارق.. ومن النيل إلى الجولان.. وأن الطيور الجارحة التي تتربص بهذا البلد أو ذاك، تُشكل خطراً على الجسد العربي كله .. وهو جسد واحد وروح واحد.. لو جُرح عضوٌ فيه هنا أو هناك .. لسال منه دمٌ عربي.. ولأصابَ الألمُ الجسدَ كلَه"
وشدّد الأمين العام أن الدول العربية لا زالت بحاجة إلى مفهوم متطور وشامل للأمن القومي العربي، وأن المسافة بين الطموح والواقع لا زالت كبيرة فيما يتعلق بتحقيق التكامل الاقتصادي، مُشيراً إلى أن إصلاح العمل العربي المشترك مطلوب بل واجب، شريطة أن يكون هذا الإصلاح بمنطق البناء لا الهدم، وبهدف تطوير ما هو قائم وليس تبديده، خاصة وأن أحداً لا يملك برنامجاً بديلاً لما توفره الجامعة، بمجالسها ومنظماتها المتخصصة، من آليات وأدوات للتنسيق والتعاون بين الدول العربية.
وقال أبو الغيط في ختام رسالته: "يظل دورنا وقد تسلمنا الراية أن نواصل المسيرة وأن نضمن أن يبقى علم هذه الجامعة خفاقاً عالياً، وأن تبقى جامعتنا منيعةً ضد معاول الهدم، حصينة في مواجهة دعاوى التفتيت"
وفي سياقٍ متصل، أشار مصدر مسئول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن أبو الغيط اغتنم فرصة العيد الماسي للجامعة وأطلق مناشدة بإسكات المدافع ووقف الصراعات على كافة الجبهات العربية المشتعلة، في سوريا واليمن وليبيا. وجاء في مناشدة الأمين العام "أن بعض هذه الأزمات، وبالذات في سوريا واليمن، كانت له كُلفته الإنسانية الهائلة. وفي سوريا على وجه الخصوص، أجمع الكثيرون على أن البلاد تواجه أخطر أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية مع وجود نحو نصف السكان بين أماكن اللجوء والنزوح. ومنذ اشتعال المواجهات في شهر ديسمبر الفائت، شُرد نحو مليون سوري. ولا ينبغي أن يُنسينا الوباء الحالي أن أهلنا في اليمن يُعانون بالفعل، ومنذ ثلاثة أعوام، من تفشي وباء الملاريا الذي تجاوز عدد المصابين به نحو 116 ألفاً حتى أكتوبر الماضي".
وقال الأمين العام: "إن هذه الأوضاع الإنسانية الخطيرة هي عرضٌ للمرض الأصلي وهو استمرار النزاعات. لقد آن للمدافع التي يقتل بها أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض أن تسكت، خاصة وأن الوضع العالمي في مواجهة جائحة "كورونا" يجعل من استمرار مثل هذه النزاعات نوعاً من العبث".
ودعا أبو الغيط كافة الأطراف إلى وقفة صادقة مع النفس، مطالباً بإيقاف القتال على كافة الجبهات العربية المشتعلة، مضيفاً أن الأزمة التي تواجه العالم ستضغط على جميع الموارد المتاحة، وستحتل مواجهة الجائحة الأولوية المطلقة بين برامج المساعدات، بما يُرتب معاناة أكبر على الجماعات التي تُعاني بالفعل من أزماتٍ إنسانية، واللاجئين والنازحين والفئات الأضعف.