أعلنت جمعية مصارف لبنان عن تقدمها بـ "رؤية" للإصلاح تستهدف إخراج لبنان من الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي يمر بها، وذلك بديلا عن الخطة التي أعدتها الحكومة وأعلنت عنها أواخر الشهر الماضي، حيث اعتبرت الجمعية أن الخطة الحكومية مليئة بالثغرات وقوامها التخلف عن سداد الدين الداخلي، وأن تنفيذها سيؤدي إلى انكماش وركود اقتصادي حاد ستكون له تداعيات كارثية على البلاد.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية ومالية ونقدية غير مسبوقة في تاريخه الحديث، على نحو قامت معه الحكومة مؤخرا بوضع خطة برنامج للإصلاح المالي والاقتصادي يستمر لمدة 5 سنوات مع طلب برنامج مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي.
وأوضحت جمعية مصارف لبنان – في بيان لها مساء الأربعاء – أن رؤيتها ترتكز على استجابة فورية متوازنة وفعالة تعالج احتياجات التمويل الخارجي وتضع المسار المالي ومسار الدين في المدى المتوسط على أساس مستدام، مع تجنب التخلف عن سداد الديون الداخلية الذي ستكون له عواقب مدمرة على الشعب اللبناني وعلى قدرة البلد على استعادة الثقة.
وأضافت الجمعية أن رؤيتها تقوم أيضا على إطلاق إصلاحات هيكلية في غضون الأشهر المقبلة لتعزيز النمو المستدام والشامل جراء التنويع الاقتصادي، ليتحول اقتصاد لبنان إلى اقتصاد منتج، وكذلك إدخال البلاد في اقتصاد المعرفة.
وأشارت إلى أن التنوع الاقتصادي للبنان سيقترن بخطة لبنية تحتية طموحة وواقعية في مجال النقل والاتصالات مع إصلاحات هيكلية مطلوبة لهذه القطاعات، وهو الأمر الذي يمكن معه أن يسجل ميزان المدفوعات توازنا بحلول العام 2024 وتحقيق فائض أولي واقعي بحدود 1ر2% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يضع الدين العام في سياق إيجابي.
وذكرت أن أداء المالية العامة – ضمن الرؤية – سيشتمل على إنشاء شبكة أمان اجتماعي بقيمة غير مسبوقة نسبتها 4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2024 ، مشددة على أن هذه النتائج وغيرها لا يمكن لها أن تتحقق إلا إذا تخلت الحكومة اللبنانية عن "خيارها الخطر بإضافة التعثر الداخلي المؤذي إلى التعثر الخارجي".
وأضافت: "لا يمكن تحقيق الاستقرار المالي ولا النمو الاقتصادي في دولة تقرر إسقاط ديونها من جانب واحد، وتصادر الممتلكات بشكل غير قانوني، وتتدخل في العقود الخاصة، ولا جدال في أن سيادة القانون واحترام قدسية العقود شرطان لازمان للنمو الاقتصادي. لن ننجح كدولة إذا تبنينا حلولا متسرعة لمشاكلنا".
وشددت على أن رؤية الجمعية تتجنب تماما التخلف عن السداد الداخلي، وتخفض احتياجات التمويل الخارجي إلى حوالى 8 مليارات دولار بدلا من 28 مليار دولار خلال الأفق الزمني ذاته لخطة الحكومة.
ولفتت جمعية مصارف لبنان إلى أن رؤيتها تقوم على اتباع تسوية تتضمن إنشاء صندوق حكومي لتخفيف الديون، ومساهمة الحكومة من خلال الأصول أو الممتلكات العامة بقيمة 40 مليار دولار في الصندوق مقابل الحصول على كامل أسهمه (الملكية كاملة) وإصدار الصندوق لأوراق مالية مضمونة طويلة الأجل بقيمة 40 مليار دولار يحملها مصرف لبنان المركزي مقابل التسوية النهائية لدين الحكومة لصالح المصرف المركزي.
وأشارت إلى أن رؤيتها تنطوي على أن يتنازل مصرف لبنان المركزي للصندوق عن كامل محفظة اليوروبوند وسندات الخزينة اللبنانية، وفي المقابل يشطب الصندوق للحكومة كامل محفظة الديون مقابل الأصول التي ساهمت بها الحكومة في الصندوق، وأن يجري تحويل رصيد إيرادات الصندوق إلى الخزينة العامة بعد أن يسدد الصندوق الفوائد المتوجبة لمصرف لبنان المركزي.
وأكدت جمعية مصارف لبنان أن هذا "التبادل الداخلي" الذي يجنب التخلف عن السداد بسرعة وسلاسة لصالح جميع أصحاب المصلحة، يتيح للحكومة المضي قدما في التعامل مع بقية المشاكل والملفات الملحة.
ولفتت إلى أن البنوك اللبنانية لا تطلب من الدولة الإنقاذ أو تحرير سعر الصرف، وأن الصناعة المصرفية في لبنان سليمة، وإنما تحتاج أن تلتزم الحكومة بما عليها في الوقت المناسب، وأن البنوك من جانبها ستكون مستعدة للتفاوض مع الحكومة لإعادة جدولة الدين العام في اتجاه تمديد آجال الاستحقاقات وتخفيض فوائده بما يتوافق مع قدرة الدولة على السداد ومع الحفاظ على مصلحة المودعين وعلى سلامة القطاع المصرفي ضمن النُظم القانونية والدستورية المعمول بها في لبنان.