قامت ميليشيات موالية لتركيا بقصف منطقة سكنية جنوب غربي سرت في ليبيا، وذكرت المصادر أن هناك أنباء عن سقوط ضحايا مدنيين في القصف الذي نفذته مليشيات موالية لتركيا.
وذكرت قناة سكاى نيوز عربية أنه في وقت سابق من يوم الاثنين، اعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدور بلاده بالمعارك الدائرة في ليبيا، حين أكد أن عمليات السيطرة على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية مستمرة، على حد تعبيره.
واعتبر أردوغان، خلال لقاء صحفي مع إحدى القنوات التركية، إن العمليات العسكرية في مدينة سرت ومحيطها "حساسة" لوجود آبار النفط هناك.
ويتهم المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، الميليشيات المدعومة من تركيا بارتكاب جرائم حرب في ليبيا.
وأكد المسماري في مؤتمر صحفي، الاثنين، أن الميليشيات رفضت إعلان القاهرة رغم الدعم الدولي للمبادرة، مشيرا إلى أن الجيش يتعهد بمحاربة التنظيمات الإرهابية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن، السبت، الماضى عن مبادرة سياسية مشتركة وشاملة لحل الصراع في ليبيا.
وقال السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القاهرة إن "المبادرة تدعو إلى وقف إطلاق النار اعتبارا من الاثنين 8 يونيو، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، بجانب استكمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 في جنيف".
كما تهدف المبادرة إلى ضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاث، في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وفى تقرير خاص لقناة سكاى نيوز عربية ذكرت أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات يقود من دون مواربة، أطماع بلاده في ليبيا، وعلى رأسها السيرة على موارد النفط الذي يعد الثروة الأساسية في البلاد.
ويمضي أردوغان جامحا بطموحاته السياسية والنفطية، فها هو يعلن صراحة عن أنشطة بلاده المستقبلية في ليبيا، ضاربا عرض الحائط أي مبادرات إقليمية أودولية لوقف ماكينات الحرب، التي ساهم هو في دورانها على الأراضي الليبية.
وتحدث أردوغان في جديد تصريحاته عن مجريات المعارك المتعلقة بسيطرة الميليشيات على سرت، الواقعة بين مدينتي بنغازي وطرابلس، ولفت إلى أهميتها الإستراتيجية بسبب وجود آبار النفط والغاز، فهي تمثل بداية الطريق تجاه المنطقة المعروفة باسم الهلال النفطي، شرقي البلاد.
وأكد الرئيس التركي على أن العمليات العسكرية، التي تدعم فيها أنقرة ميليشيات حكومة طرابلس، مستمرة للسيطرة أيضا على قاعدة الجفرة الجوية، بل وذهب أبعد من ذلك ملمحا إلى نوايا واستعداد تركيا للتنقيب عن النفط في الأراضي الليبية، بناء على الاتفاق الذي وقعه مع فايز السراج.
الأحلام التركية بالولوج إلى آبار مصادر الطاقة في ليبيا، عبر عنها أيضا وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، الذي أعلن أن بلاده تقدمت للحصول على تراخيص التنقيب عن النفط وإنتاجه في ليبيا، في إطار الاتفاقية الموقعة بين البلدين التي وقعت أواخر العام الماضي وأثارت حفيظة دول حوض المتوسط.
وأوضح دونماز، أن أنقرة حددت 7 مناطق ليبية لتطلق عمليات التنقيب بها، وأضاف أنه خلال فترة تمتد بين 3 و4 أشهر، ستبدأ أنشطة التنقيب بعد تحليل مؤسسة البترول التركية البيانات التي في حوزتهم.
وتترجم تلك التصريحات التركية بجلاء مساعي أردوغان لإفشال الجهود المصرية الهادفة إلى إحلال السلام في ليبيا، وإجهاض المبادرة التي طرحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتنص على وقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات، والذهاب إلى عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة.
ومن جهة أخرى، فإن سيطرة تركيا على النفط في ليبيا تحقق لأردوغان مآرب جيوسياسية كثيرة، وممارسة الضغوط على دول أوروبا، خاصة فرنسا وإيطاليا، كما أنه يستطيع أن يوقف خطط دول حوض البحر المتوسط لتصدير الغاز إلى أوروبا، ويرسم حدود البحرية وفقا لطموحاته.
وعلق الباحث السياسي الليبي عبد الحكيم معتوق على الأمر، معتبرا أن إعلان أردوغان أطماعه في ليبيا عقب الترحيب الدولي بإعلان القاهرة لوقف إطلاق النار "أمر مربك".
وأضح معتوق في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، أن "أردوغان لديه تفاهم مع الأميركيين بشأن المضي في تنفيذ مخططه، وهو السيطرة على مصادر الطاقة في ليبيا، ويتحدث عن معركة كسر عظم في سرت وكذلك قاعدة الجفرة المهمة وسط ليبيا".
وأضاف: "بعد هذا الترحيب من كل الرؤساء والمنظمات بشأن المبادرة المصرية، يبدو أن أردوغان ماض في خطته"، لافتا إلى أن "سرت تعد بوابة الحقول للموانئ النفطية".
وفيما يتعلق بمذكرة التفاهم التي وقعها أردوغان مع حكومة طرابلس بشأن ترسيم الحدود البحرية، قال معتوق إنها "جاءت مع حكومة يعتبرها أردوغان معترفا بها دوليا، فمن حقه التوقيع معها اتفاقات للتنقيب عن النفط. لكن المربك في حسابات دول الجوار إصراره على استمرار الحرب".