حذر جاسم محمد، باحث عراقي ودبلوماسي سابق، يشغل منصب رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في جمهورية ألمانيا الاتحادية ومملكة هولندا، من خطر الجماعة الارهابية على أوروبا.
جاء ذلك خلال محاضرة نظمها أمس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بأبوظبي عن بُعد: وجاءت تحت عنوان “الجماعات المتطرفة في أوروبا: تسليط الضوء على جماعة الإخوان المسلمين”، واستهل جاسم المحاضرة بشرح أهم المخاطر التي تمثلها الجماعات المتطرفة في أوروبا، ومن ضمنها حزب الله اللبناني، والإخوان المسلمون، وقدّم شرحاً حول أنشطة هذه الجماعات من خلال شبكة الإنترنت.
وقال إن خطر الجماعات المتطرفة، وخاصة الإسلاموية منها، ما يزال قائماً في أنحاء أوروبا كافة بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها، وما تزال، أجهزة الأمن والاستخبارات الأوروبية التي تمكنت خلال الأعوام الثلاثة الماضية من انتزاع زمام المبادرة من هذه التنظيمات؛ وهو ما أدى إلى تراجع في مؤشر الإرهاب على مستوى القارة خلال العام الماضي والربع الأول من العام الجاري.
وأضاف أنه وعلى الرغم من تراجع الدعاية التي يبثها تنظيم داعش الإرهابي والانحسار الملحوظ في مدى تأثيرها؛ فإن هذا التنظيم ما زال يحاول الاستفادة من مناخ الحرية والانفتاح ومن التقنيات الحديثة، وخصوصاً وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي لبث خطابه المتطرف والعودة إلى واجهة الأحداث، وهو ما يقتضي تكثيف الرقابة والمتابعة على المحتوى الذي تقدّمه هذه المنصات، مشيراً إلى خطة “كرايس جيرج” التي اعتمدتها المفوضية الأوروبية لمراقبة وحذف المحتوى الذي تبثه الجماعات المتطرفة، والتي تلزم الحكومات والمنظمات أيضاً بتحمل مسؤولياتها تجاه هذا النوع من الخطاب المتطرف واتخاذ التدابير اللازمة حياله عبر شبكة الإنترنت.
ولفت المحاضر النظر إلى المخاطر التي تمثلها جماعة الإخوان المسلمين على القارة الأوروبية من خلال سعيها لبناء مجتمعات موازية على الرغم من أن دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام ما زالت تسمح لها بممارسة أنشطتها ولم تصنفها ضمن قوائم الإرهاب، مشيراً إلى أن أجهزة الاستخبارات في تلك الدول تحذر بشكل مستمر من خطر هذه الجماعة ومن مساعيها إلى التأثير على نمط الحياة في القارة، كما تبذل البرلمانات جهوداً كبيرة لكشف أنشطة ومؤسسات تنظيم الإخوان وإطْلاع الشارع على خطابها المزدوج ومساعيها التخريبية.
واستشهد المحاضر بتقرير صادر عن جهاز المخابرات الألماني يؤكّد أن جماعة الإخوان المسلمين أكثر خطراً من تنظيمي داعش والقاعدة، وذلك نظراً إلى أن أسلوبها في التغلغل داخل المجتمعات يقوم على أساس العمل السياسي المؤدلج، إلى جانب امتلاكها المقومات التي تتيح لها التأثير فيها، وخاصة التمويل، حيث تمارس أنشطتها في القارة تحت مسميات متنوعة تحمل في الغالب الطابع الاجتماعي، وتمتلك واجهات وتدير رؤوس أموال تتيح لها الاستثمار في العديد من المجالات ذات التأثير الواسع، فضلاً عن قدرتها على الالتفاف على القوانين والإفلات من قيودها وضوابطها، وبالتالي تجنب المساءلة القانونية.
وشرح المحاضر أبرز الوسائل التي تستخدمها جماعة الإخوان المسلمين للتغلغل في المجتمع الأوروبي وفي مقدمتها الاستفادة من موجة اللجوء والهجرات غير الشرعية، من خلال تقديم الدعم المالي والقانوني والاجتماعي والثقافي للاجئين والمهاجرين، حيث يقوم متطوعوها وكوادرها بزيارات لمراكز اللجوء ومخيمات ومعسكرات المهاجرين والتواصل معهم واستقطابهم إلى المساجد والمراكز الثقافية، التي تتخذ منها منطلقات لنشر أيديولوجيتها وأفكارها، وبالتالي التوسع والانتشار أكثر داخل المجتمع الأوروبي وفي أوساطه المختلفة، وكشف المحاضر النقاب عن أن الجماعة لا تعمل في أوروبا وفق هيكل تنظيمي واضح، ولا تسجل من يتم استقطابهم أو تجنيدهم ضمن تنظيم أو هيكل محدد، لأن وجود مثل هذا الهيكل يعني كشف حقيقة التنظيم وتعرض القائمين عليه للمساءلة القانونية.