أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن تصوير الوضع المتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة على أنه يحمل استهدافا للطائفة الشيعية، هو أمر غير صحيح على وجه الإطلاق، مشيرا إلى أن تمسك الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) بوزارة المالية وتسمية وزراء الطائفة في الحكومة، سيدفع بقية الفرقاء السياسيين إلى نهج مماثل، الأمر الذي من شأنه حرمان لبنان من تشكيل حكومة مختلفة تعمل على إنقاذ البلاد من أزماتها.
وشدد جعجع – في تصريح اليوم الاثنين – على أن لا أحد يريد استهداف الشيعة في لبنان، كما أنهم يمثلون مكونا تاريخيا وأساسيا في البلاد، ولا أحد يستطيع أو يريد إلغاء طائفة كما يصور البعض، فضلا عن أن هذا التصور ليس في ذهن أحد ولا يمكن القبول به، معربا عن تأييده لمبدأ "المداورة" في تولي المناصب الوزارية بين مختلف الطوائف.
وأوضح أن لبنان يحتاج إلى الخروج من الأزمات التي كان السبب الرئيسي من ورائها "المحاصصة" التي كانت تتم على مستوى السلطة التنفيذية وأدت إلى بروز دويلات ضمن الدولة، وحدوث شلل للحكومة والمؤسسات، وإلى الفساد الذي ساد وتمادى في صلب الدولة.
وقال جعجع إن المبادرة الفرنسية جاءت لتقدم طرحا إنقاذيا مختلفا يقوم على تشكيل حكومة لبنانية من دون محاصصة بالدرجة الأولى، وحكومة لا تسمي القوى الحاكمة أعضاءها.
وأضاف: "ما حدث أن حزب الله وحركة أمل تمسكا بما كان يُعتمد سابقا على مدى سنوات عدة، وأصرا على تسمية وزرائهم من جهة، وعلى التمسك بحقيبة المالية من جهة ثانية، الأمر الذي سيدفع الفرقاء الآخرين إلى التمسك بالحقائب التي كانوا يشغلونها، وبالتالي إعادة إنتاج حكومة كسابقاتها، ما يحرمنا تشكيل حكومة جديدة مختلفة.. حكومة مهمة تباشر بعملية إنقاذ لبنان وإراحة شعبه".
واختتم قائلا: "ومن هذا المنطلق فحسب، نحن مع المداورة الكاملة طوائف وأحزابا، ونرفض كليا أن تسمي الكتل الحاكمة أي وزراء في الحكومة".. مشددا على أن أكثر من تضرر من نظام المحاصصة السابق ومن تخصيص أحزاب وطوائف بحقائب معينة هم المواطنون الشيعة على وجه الخصوص.
وتواجه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عقبة كبيرة تتمثل في إصرار حركة أمل وحزب الله على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة التي كُلف مصطفى أديب بترؤسها وتشكيلها، وذلك عبر تسمية الثنائي الشيعي للوزير الذي سيشغل الحقيبة، إلى جانب المشاركة في تسمية ممثليهما في الحكومة من خلال تقديم لائحة أسماء لـ "أديب" ليختار منها وزراء الطائفة الشيعية.
وفي المقابل، يتمسك رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب بمبدأ "المداورة" في الحقائب السيادية والأساسية والخدمية بين مختلف الطوائف، إلى جانب تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية.
وكان القادة والزعماء السياسيون اللبنانيون قد تعهدوا أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت أول شهر سبتمبر الحالي، أن تتشكل الحكومة الجديدة للبلاد برئاسة "أديب" في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز 15 يوما، وأن تتألف هذه الحكومة من وزراء يتسمون بالكفاءة، وأن تحظى بدعم كافة القوى السياسية اللبنانية، إلى جانب موافقتهم على "خريطة الطريق" الفرنسية المقترحة لإنقاذ لبنان والتي تتضمن المداورة في كافة الوزارات وعدم استئثار أي طائفة بأي حقيبة وزارية.