فقدت مملكة البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، الذى يعد قائداً ملهماً أعطى من وقته وجهده فى خدمة مملكة البحرين وشعبها الكريم، تاركاً إرثا كبيراً من الإدارة الحكيمة والتوجيهات السديدة والإنجازات التنموية الكبيرة فى كافة المجالات، وتعزيز مكانة مملكة البحرين بين دول العالم، بحسب "بنا".
وكان للدور الذى قام به الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة فى رسم ملامح النهضة التنموية التى شهدتها المملكة طوال تاريخها الحديث، والتى كان لها أثراً كبيراً فيما تتمتع به المملكة الآن من صورة حضارية متقدمة شملت جميع المجالات.
ولجهود رئيس الوزراء ورؤاه وأفكاره الكثير من النجاحات والمنجزات التى حققتها المملكة على صعيد الارتقاء بمكانة البحرين وسمعتها، وقيادته للمهام والمسؤوليات التى أسهمت فى إرساء وصياغة سياسات التنمية الشاملة، فقد تشرب سموه مبادئ العمل العام منذ أن عُهد إليه عضوية بعض اللجان التى مست مباشرة حياة المواطنين واحتياجاتهم، خاصة فى المجالات الخدمية والتنموية كالتعليم والكهرباء والبلدية والهجرة والجوازات وغيرها.
وكان قد تولى أواخر خمسينيات ومطلع ستينيات القرن الماضي، مسؤولية مجلس المعارف ، فضلاً عن رئاسة مالية الحكومة ورئاسة المجلس الإدارى للدولة، وغيرها؛ مما كان له الأثر الأكبر فى تأسيس نواة الجهاز الحكومى للدولة، وإطلاق مسيرة التنمية، ووضع الأسس المتينة التى قامت عليها نهضة البحرين الاقتصادية.
وتبنى الراحل العديد من البرامج والخطط التى نقلت البلاد قفزات نوعية سواء على صعيد رفع المستوى المعيشى للمواطنين أو على صعيد دعم البنية الأساسية للدولة وقطاعاتها الاقتصادية المختلفة.
وهنا، تبرز جهوده عندما كُلف برئاسة مجلس الدولة فى سبعينيات القرن الماضي، الذى أنيط به فى تلك الفترة المهمة من عمر مملكة البحرين، مهمة قيادة الجهاز الحكومى بنجاح وتميز، وقد أُعيدت تسمية هذا المجلس المهم بمجلس للوزراء، حيث بدأ سموه عملية التحديث الفعلى والمؤسسى للتنظيم الإدارى الجديد للدولة، وذلك بعد أن أُسست الوزارات المختلفة، وبدأ كل منها فى العمل فى وضع السياسات التطويرية التى تخص قطاعها.
ولم يتوقف دوره عند هذه الفترة، إذ عملت البحرين منذ وقت مبكر على إيلاء قضايا التنمية اهتماما كبيراً، لاسيما فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وذلك بعد ترؤس سموه لمجلسى السياسات النفطية والاقتصادية وغيرها، التى كانت بمثابة خطوات نوعية مهمة لاستغلال موارد البلاد وتوظيفها التوظيف الأمثل، وبما يصب فى مصلحة مملكة البحرين ومكتسبات أهلها الكرام.
وبتوجيهات من الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، عملت الحكومة بقيادته على قضايا رفع المستوى المعيشى للمواطنين ومواصلة تطوير القطاعات الاقتصادية والتنموية المختلفة، مستنداً فى ذلك على ركيزة مهمة وهى رؤى وتطلعات عاهل البلاد التى باتت عنواناً عريضاً للمسيرة التنموية والتطوير.
ولعل هذا الوعى الذى ميز رؤى وأفكاره فى قيادته لجهود العمل الحكومى طوال العقود الماضية، هو ما أوصل البحرين إلى ما هى عليه الآن، خاصة بعد أن قدمت المملكة نموذجها التنموى المرموق، والذى يوصف باعتباره نموذجاً رائداً غير مسبوق فى تحقيق التنمية بمفهومها الشامل.
ويبرز هنا نجاح البحرين خلال العقدين الأخيرين فى تحقيق أهداف الألفية الإنمائية قبل موعدها عام 2015، والشروع فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التى تبنتها الأمم المتحدة، ووضعتها الحكومة نصب أعينها، وأدمجتها فى برامجها بشهادة كبرى المؤسسات الدولية العاملة فى المجال الإنمائي، وحققت البحرين وخلال أكثر من عقدين موقعاً متقدماً فى مؤشرات التنمية البشرية.
لقد اتسمت منجزاته خلال العقود الماضية بنوع من التكاملية والارتباط فى الشأن الاقتصادى والاجتماعي، الأمر الذى يعكس ليس فقط الشوط الكبير الذى قطعته البحرين فى مسيرتها من أجل العمل التنموي، وإنما من أجل أيضاً تلبية احتياجات مواطنيها والمقيمين فوق أرضها فى ترجمة حقيقية للجهود التى بذلت على هذا الصعيد.
ومع نجاح النموذج التنموى البحريني، وشهادة العالم بقيمته وجدواه، أُطلقت جائزة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة والتى كان لها سبق الفضل فى إشعار العالم أجمع بمبادئ ورؤى وأفكاره ، والذى أعطى أولوية قصوى لمفهوم التنمية وأبعاده الشاملة، وارتباطها ببواعث الأمن والاستقرار، وعدم اقتصارها على الجانب المحلي، وضرورة تبنى أساليب غير تقليدية ومتنوعة من أجل هذا الغرض لتحقيق الربط بين الوطنى والعالمي.
لقد كان لدور ومنجزات وجهود رئيس الوزراء فى مجالات العمل التنموى إسهام كبير فى المكانة التى احتلتها البحرين وصورتها وسمعتها المرموقة فى المحافل المختلفة، الأمر الذى كان له كبير الأثر فى الجوائز التى نالها سموه رحمه الله ومن أبرزها: جائزة الشرف للإنجاز المتميز فى مجال التنمية الحضرية والإسكان 2007، وجائزة «ابن سينا» من منظمة اليونسكو عام 2009، وجائزة الأهداف الإنمائية للألفية 2010، وجائزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى التنمية المستدامة من قبل الاتحاد الدولى للاتصالات، ومصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على مبادرة سموه بإعلان الخامس من إبريل من كل عام ليكون يومًا عالميًا للضمير، وغيرها.