كشف يوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان السابق وصاحب أكبر مسيرة فى الخارجية العمانية، عن مسيرته على رأس الدبلوماسية العمانية، وذلك خلال جلسة حوارية نظمتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس بحسب صحيفة الرؤية العمانية.
وقال يوسف بن علوي "لا بد أن المشاعر التي نشعر فيها ونحن نستعيد مسيرة 50 عامًا لا يمكن أن نقارنها بشيء كان قبل أو كان بعد"، مشيرًا إلى أنه التقى السلطان قابوس - رحمه الله - لأول مرة في شهر أكتوبر، أي بعد ثلاثة أشهر من توليه السلطة.
ويضيف بن علوي "لم نكن نعرف جلالة السلطان قابوس من قبل ولكنه _رحمه الله_ كان يعرفنا قبل أن نعرفه، وكانت البلاد في حاجة إلى كل يد وعقل، وإلى كل ما يملكه الإنسان العماني لدعم سياسة السلطان الجديد. ولكن الصورة لم تكن بتلك القتامة التي كان يتحدث عنها الناس، فجوارنا كان أيضًا في نفس الحالة، الخليج عموما، ولم يكن حال عمان في ذلك الوقت استثناء؛ لكن ما شكل صعابًا على القيادة العمانية أن طبيعة البلاد تختلف عن طبيعة بلدان الجوار".
وتحدث بن علوي عن الطريقة التي قاد بها السلطان الراحل عمان، أنه قد كون فكرة كاملة في ذهنه كيف يريد أن يرى عمان، وكيف يريد أن يرى شعب عمان وشبابها، وأضاف "في 1971 أمر جلالته - رحمه الله - بوفد الصداقة لعمان بعمل زيارة لكل الدول العربية، وكان جلالته يرى أن هذا واجبا على القيادة العمانية أن تعرف بنفسها على أخوانها وجيرانها، وكانت رحلة جيدة تم استقبالها بترحاب كبير وأبدت كل الدول التي زارها الوفد استعدادها للتعاون واستعدادها لدعم النهضة في عمان. وبالتالي سوف يكتب العمانيين هذا التاريخ بفخر كبير".
كما ذكر "لم تكن في عمان تعقيدات في المجتمع حتى تنعكس على قدرة البلاد أن تتعايش مع جوارها أو أن تتعاون مع غيرها من دول العالم. كان لدى جميع العمانيين اليقين بأن هذا عصر ذهبي بدأ، وأن على الجميع أن يعود بما لديه من خبرة ليساهم في بناء البلاد، وكانت الاستجابة مبهرة لنداء السلطان قابوس - رحمة الله عليه-، والحافز كان بناء الوطن وليس الحصول على مصالح".
وقال يوسف بن علوى "خلال الخمسة عقود الماضية كانت رسالة عمان رسالة سلام ورسالة مودة، وعمان أصبحت بعد سنة من تولي جلالة السلطان قابوس -رحمه الله- الحكم عضوا في الأمم المتحدة، ووثائق الأمم المتحدة أكدت على احترام الجوار وعدم التدخل في الشؤون الخارجية والتعاون المفيد بين الشعوب، وعمان بدورها تفاعلت مع هذه المبادئ الأساسية في دستور الأمم المتحدة. وتوالت بعد ذلك كذلك منظمات كثيرة تابعة للأمم المتحدة، ونحن استفدنا منها، وظهرت عمان على الساحة الدولية من خلال هذه الفعاليات والتعاون مع منظمات الأمم المتحدة كلها بدون عوائق وبدون أية مشكلات تعكر صفو هذا التوجه الصافي في عمان. وسارعت عمان لفتح السفارات".
وأشار إلى أن كل المشكلات التي كانت تظهر في عمان حُلَت على مبدأ الصداقة والمودة والتعارف، حيث أن كل من شارك من أبناء محافظة ظفار في تلك الفترة الزمنية في الحرب تحولوا إلى قوة سميت بـ"قوة الفرقة الوطنية" للعمل على نقل عمان من حالة المواجهة إلى حالة العمل المفيد بين جميع الناس. وأضاف "العماني بطبيعته شعب مسالم، هذا ما شاهدناه وما شعرنا به وما شاركنا فيه".
وفي مسألة العلاقات الخارجية صرح يوسف بن علوي قائلا "الواقع هو من يبرر للآخرين مسلك هذه الدولة الفتية في تصرفاتها على المستوى الإقليمي أو المستوى الدولي، فعمان كانت لا تتدخل في شؤون الآخرين، وكانت بعيدة على مسافة في كل الصراعات بين الدول، ولكن عندما يتم طلب الرأي من عمان يكون الرأي صادقا، ومتى ما كانت هناك فرصة لأن تساعد عمان في رأي فإنها تعطي للناس قناعة بأن هذا هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكوه. هذا حصل بصورة واضحة والجميع شهد ذلك. بعض الأشقاء يرون في موقف عمان التقاعس أو عدم دعم لموقف معين ولكن مع الأيام يعودون إلى ذلك الرأي، فنحن نحتفظ برأينا المؤسس على العدل والحق إلى أن يأتي الوقت المناسب". مشيرًا إلى أن هذه هي السياسة المتبعة، ومضيفًا "أذكر في أول مؤتمر عقد لسفراء السلطنة في الخارج ولاقاهم جلالته _رحمه الله_ أوصاهم بأن يعملوا على بناء صداقات وأن يتجنبوا خلق المنافسات أو خلق الشعارات أو الدخول في مثل هذه الأشياء التي لا تتفق مع سياسة السلطنة الخارجية".
وعن العهد الجديد قال يوسف بن علوي "كما أعلن السلطان هيثم في خطاب التنصيب أن عمان نهضة متجددة، وهكذا أيضا العلاقات الخارجية ستكون متجددة بآلياتها ومبادئها في حين ستبقى المبادئ الأساسية ثابتة لن تتغير وهي الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعايش مع الناس" مضيفًا "حتى هذه اللحظة عمان مكانتها لم تهتز حتى بالطريقة التي تم خلالها انتقال السلطة، هذه الطريقة لا تحصل في أي مكان، وهذا دليل على أن هذا البلد بلد قوي وعاقل يستطيع أن يواجه أحلك الظروف بالحكمة والفكر، وهذه ثروة هائلة عند العمانيين".