رجّحت الصحف اللبنانية أن يتسبب الاشتباك السياسي – الطائفي الذي تشهده البلاد حاليا، لا سيما بعد التطورات التي تسبب فيه توجيه الاتهامات في التحقيقات الخاصة بانفجار ميناء بيروت البحرى، في عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة في ظل تصلب المواقف السياسية والرغبة في الاستئثار بالحصص الوزارية والاصطفافات الطائفية.
وذكرت صحف (النهار والجمهورية ونداء الوطن والأخبار واللواء والشرق) أن كافة المؤشرات تفيد أن ملف التأليف الحكومي "يسلك مسارا متعرجا" خصوصا في ظل اتساع الهوة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري.
وأوضحت أن رئيس الجمهورية يعتبر أن التشكيلة الحكومية التي قدمها رئيس الوزراء المكلف قبل أيام، هي بمثابة "تشكيلة أمر واقع" تتجاوز منطق الشراكة الكاملة في تأليف الحكومات، في حين يرى الحريري أن ما قدمه هو تشكيل حكومي من شخصيات تتمتع بمستوى عال من الخبرة والكفاءة وقادرة على أن تقود مرحلة الإنقاذ المطلوبة .
وأشارت الصحف إلى أن الرئيس عون يتمسك بحضور وزاري فاعل له ولـ "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، داخل الحكومة الجديدة، عبر الحصول على الثلث المعطل المكون من 7 وزارات، مع الإصرار على حقائب وزارية بعينها تتمثل في الطاقة والعدل والدفاع، في مقابل رفض قاطع من جانب الحريري بحصول أي فريق سياسي على الثلث المعطل والذي يجعل الحكومة "خاضعة لأهواء فريق مُسير من قبل باسيل".
وأكدت الصحف أن التأثيرات المتعلقة بتوجيه اتهامات لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء سابقين بالإهمال والتقصير في قضية انفجار ميناء بيروت البحري، اعتُبرت لدى البعض أنها بمثابة حرب فتح ملفات على خلفيات كيدية، على نحو أثار اشتباكا سياسيا – طائفيا.
ونقلت صحيفة (الجمهورية) عن وزير الداخلية محمد فهمي قوله إن اتهام رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في قضية انفجار الميناء البحري، هو ظلم وافتراء. مضيفا: "لا يجوز إلقاء تبعات ملف متشابك عمره 7 سنوات على رئيس حكومة لم يمض على وجوده في السراي الحكومية سوى بضعة أشهر".
واعتبر وزير الداخلية أن قرار المحقق العدلي (قاضي التحقيق) فادي صوان، يستند إلى معايير مزدوجة على نحو يعكس أزمة ثقة في جانب واسع من القضاء اللبناني، مشيرا إلى أنه في حالة صدور قرارات بالضبط والإحضار وإلقاء القبض في حق رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء السابقين الذين اتُهموا في هذا الملف، فإنه لن يُنفذها. قائلا: "لن أطلب من الأجهزة الأمنية أن تنفذ قرارا قضائيا من هذا النوع، وليلاحقونني أنا إذا أرادوا. المهم ألا أخالف ضميري".
كان المحقق العدلي فادي صوان قد وجه اتهاما رسميا إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بارتكاب جرائم الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص في انفجار ميناء بيروت البحري.
وأثار قرار الاتهام موجة واسعة من الغضب لدى معظم القوى السياسية اللبنانية، التي اعتبرت أن قاضي التحقيق تجاوز صلاحياته القانونية لا سيما وأن الأمر يتعلق باتهامات محلها "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" إلى جانب أن الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر من أعضاء البرلمان ويتطلب الأمر أخذ موافقة المجلس النيابي قبل اتخاذ أي إجراء قضائي حيالهما.
كما اعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، والزعماء السياسيون للطائفة السُنّية في لبنان خاصة الرؤساء السابقين للحكومات اللبنانية سعد الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، أن الاتهام الموجه إلى حسان دياب، يمثل انتهاكا وخرقا لأحكام الدستور ويأتي في إطار عملية ابتزاز واستهداف سياسي لموقع رئاسة الحكومة، معلنين تضامنهم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال.