فى مثل هذا اليوم عام 1956 اعترفت اسبانيا باستقلال المغربفى 7 أبريل 1956 بعد اعتراف فرنسافى 2 مارس 1956 بعد مفاوضات مع الحكومة الفرنسية فى باريس، وفى وقت ما فى مطلع القرن العشرين كانت معظم دول العالم العربى واقعة تحت براثن الاستعمار بينما كان حظ المملكة المغربية مزدوج فقط احتلتها فرنسا وإسبانيا معا.
حكاية المغرب وإسبانيا 44 سنة احتلال
فى عام 1906م تعرّض المغرب للاحتلال بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء تحت غطاء معاهدة الحماية، وفى عام 1912م تم تقسيم المغرب إلى مناطق تحت النفوذ الفرنسى وشمال المغرب تحت النفوذ الإسبانى، بينما قرّر مؤتمر باريس اعتبار طنجة مدينة دولية فى عام 1925م.
وكانت إسبانيا حريصة على أن تكون صاحبة السيادة فى شمال المغرب، نظرا لمواجهته لها جغرافيا، ونظرا للعلاقات التى تربطها به بحكم احتلالها لمدينة مليلية فى شرقه، ومدينة سبتة فى غربه، منذ القرن الخامس عشر الميلادى.
والمنطقة الشمالية المحتلة من إسبانيا لم تدخل فيها مدينة طنجة، لأن هذه المدينة اشتهرت منذ القرن التاسع عشر بوضعية سياسية خاصة، فكانت مركزا دبلوماسيا بالنسبة للمغرب وللدول الأجنبية التى كان ممثلوها يقيمون بطنجة، ثم عرفت بعد ذلك وطيلة أعوام الحماية بوضعية دولية، فكانت تسمى (طنجة الدولية) إلا ما كان من عام 1940 إلى 1945 أثناء الحرب العالمية الثانية، فإن إسبانيا بسطت نفوذها خلال الخمس سنوات المذكورة على طنجة، وما أن وضعت الحرب أوزارها، حتى شعرت إسبانيا بدنو أجلها فى طنجة، وقد انسحبت منها.
وقد واجهت إسبانيا طيلة الأعوام الأولى لحمايتها معارضة شديدة من المغاربة فى الشمال، وتطورت هذه المعارضة إلى معارك دامية بين جيوش الاحتلال الإسبانى والمجاهدين فى الناحية الجبلية بقيادة الزعيم المجاهد أحمد الريسونى، وفى الناحية الريفية بقيادة المجاهد عبد الكريم الخطابى.
وكانت ثورة الزعيم الخطابى بالنسبة للإسبانيين كارثية فقد كبدهم من الخسائر ما اضطروا معه إلى التحالف مع الفرنسيين ضده، ولم يصف الجور لإسبانيا فى الشمال إلا بعد سنة 1926 أى بعد أن أرغمت الظروف بطل الريف على الاستسلام للفرنسيين الذين أخذوه أسيرا هو وعائلته وساقوه إلى جزيرة لارينيون منفيا وبقى فيها إلى سنة 1947 حيث هيأت له الاقدار الالتجاء إلى مصر بعد عشرين سنة فى النفى.
وكانت نهاية الحرب الريفية فاتحة لنشاط سياسى ووطنى صامد من أجل استقلال المغرب ووحدة ترابه، وظل الشمال وفيا لله والوطن والملك، ولم تزده الظروف القاسية التى مر بها إلا إيمانا وتثبيتا.