تتواصل جرائم وحوادث العنف ضد الأطفال العراقيين، بما فيها العنف المدرسى الممارس بحقهم من قبل من يفترض أنهم معلمون ومربون .
وفى أحدث أمثلتها، تعرضت الطفلة رحمة 8 سنوات، لضربة فى رأسها من قبل معلمتها في إحدى مدارس مدينة الموصل محافظة نينوى، والتي فقدت على إثر مضاعفات تلك الضربة القدرة على المشي، التي تسببت لها بشلل فى أطرافها السفلية، حسب ما صرحت به أسرتها.
وتعهد وزير التربية العراقى، على الدليمى، عبر الاتصال بالهاتف مع التلميذة رحمة، أنه سيتكفل بعلاجها لحين تمكنها من العودة لمقاعد الدراسة، وفق بيان صدر من وزارة التربية العراقية.
كما وجه وزير التربية مدراء الإشراف فى نينوى وباقى المحافظات، بالنزول للمدارس بشكل ميدانى لتوجيه الملاكات التدريسية بضرورة حماية أبناءنا الطلبة والتلاميذ والتعامل معهم بشكل تربوي وأبوي، مشددا على أن رسالة التربوى العراقى الإنسانية ستظل تحتل المقام الأول في عملنا، من أجل الحفاظ على صورة العراق الناصعة في المجال التربوي والعلمي، حسب بيان التربية العراقية.
وأثارت هذه الحادثة البشعة، غضبا واسعا بين أولياء أمور الطلاب العراقيين ورواد الشبكات والمنصات الاجتماعية فى البلاد، الذين اعتبروا ما حدث "إرهابا تربويا" بحق أطفال صغار لا حول ولا قوة لهم.
وانتقدوا التعاطى الحكومى مع هذه الجريمة، حيث بعد مرور نحو 3 أسابيع من وقوعها وبفعل انتشار أنباء حدوثها فيما بعد بمواقع التواصل الاجتماعى، قامت وزارة التربية العراقية بإصدار بيان حول الواقعة، دون أن تتخذ إجراءات عقابية صارمة بحق المعلمة التي اعتدت على الطالبة الطفلة، التي طالبوا بمحاكمتها وليس فقط الاكتفاء بوقفها عن العمل، وكأنها ارتكبت خطأ اداريا بسيطا ولم تتسبب بإعاقة لطفلة بعمر الورود.
وتعليقا على تكرار العنف المدرسى بحق الأطفال فى العراق، يقول علي البيدر، الكاتب والباحث العراقى، في حديث لسكاي نيوز عربية:"ثقافة الضرب المتجذرة يبدو أن لوثتها انتقلت من المجتمع للمدرسة فى العراق، وهى تدل على عدم نضج متشربيها وممارسيها من الكوادر التدريسية والتربوية، وعلى عدم صلاحهم وأهليتهم للاضطلاع بمهمات التعليم والإرشاد".
ورغم أن لدى وزارة التربية إجراءاتها وتوجيهاتها الصارمة عادة فيما يتعلق بمنع حوادث الضرب للتلاميذ وإهانتهم من قبل المعلمين العراقيين ومعاقبة من يقوم بذلك، كما يوضح البيدر، مضيفا :"لكن في المقابل ثمة بين صفوف المعلمين من يرى في الضرب والتقريع وسيلة للتربية والتقويم في حين أنها وسيلة منافية لحقوق الطفل والإنسان، وتسهم في ترهيب الطلاب الصغار وتنفيرهم من المدرسين وتاليا من العملية التعليمية".
ويضيف الباحث العراقى:"المنظومة التعليمية العراقية برمتها بحاجة لمراجعات عميقة وتحديثها معنى ومبنى، حيث تم سن ووضع العديد من قوانينها ونواميسها وأنظمتها قبل عقود في زمن النظام السابق، والتي كانت تتسم بالقسوة والعنف وأقرب في منهجيتها إلى الانضباطية العسكرية منها لتأطير وقوننة العملية التربوية والقيمية المدنية".
من جانبه، يقول المواطن العراقى إبراهيم علي، في حديث لسكاي نيوز عربية :"مع الأسف مع شيوع مثل هذه الاعتداءات على الأطفال بالمدارس من قبل معلميهم، بتنا نخشى من إرسال أبنائنا لها والتي تكاد تتحول لنقيض ما يفترض بها أن تكون من أماكن للتعليم والتربية".
ويضيف:"هذه الممارسات تنتشر غالبا بل وفقط في المدارس الحكومية العامة التي تعاني اجمالا من اهتراء بناها التحتية ومن ضعف كوادرها التدريسية والإدارية وعدم كفاءتها، بينما تقل وتكاد تنعدم مثل هذه الظواهر المشينة في المدارس الخاصة، وهذه لا يستطيع غالبية أولياء الأمور ارسال أبناءهم للتعلم فيها نظرا لارتفاع تكلفتها المادية".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( يونسيف ) قد حذرت في شهر سبتمبر الماضي، من تبعات العنف المتمادي ضد الأطفال العراقيين، والذي يبلغ مستويات خطيرة، حيث ذكرت المنظمة في تقاريرها أن 4 من بين كل 5 أطفال بالعراق، يتعرضون للعنف والضرب في المنزل أو المدرسة.
وطالبت يونسيف، الحكومة العراقية بتكريس آليات رصد ومتابعة لمرتكبي جرائم العنف والقتل بحق الأطفال وتقديمهم إلى المحاكمة، فالأطفال في العراق، بحاجة ماسة إلى حماية وضمان حقوقهم، وتوفير بيئة آمنة خالية من العنف وملائمة لتطوير قدراتهم وقابلياتهم على أتم حال.
وأكدت المنظمة الأممية، بأنه ما من شيء يبرر العنف ضد طفل صغير، كما أن هذه الظاهرة لا بد من منعها وكبحها.