تصاعدت حدة التوتر السياسى بلبنان خلال الساعات الماضية بسبب الخلاف حول مسار التحقيقات مع حاكم مصرف لبنان المركزى رياض سلامة بتهم الفساد والإضرار بالمال العام بما أدى للأزمات المالية التى تشهدها البلاد، حيث يرى فريق سياسى ضرورة أن يخضع حاكم المصرف للتحقيقات وتنفيذ أمر الضبط والإحضار الصادر بحقه، فيما يعتبر فريق آخر أن التحقيقات مسيسة وتتحرك بأمر رئيس الجمهورية وفريقه السياسى للانتقام من سلامة باستخدام القضاء، وخصوصا بعد التصعيد الذى شهدته القضية بعد توجيه الاتهام للمدير العام لقوى الأمن الداخلى اللواء عماد عثمان بالتدخل لمنع دورية أمنية من تنفيذ مذكرة ضبط وإحضار أصدرها القضاء بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
يأتى ذلك فى تطور لافت لمسار التحقيقات الذى بدأ فى شهر يناير الماضى إثر تقدم مجموعة تسمى (الشعب يريد إصلاح النظام) ببلاغات ضد حاكم مصرف لبنان أمام النيابة العامة الاستئنافية فى جبل لبنان بجرائم غسيل الأموال والإثراء غير المشروع والتلاعب بميزانيات المصرف.
وعلى أثر البلاغات، أصدرت المدعية العامة الاستئنافية فى جبل لبنان القاضية غادة عون قرارين ضد حاكم مصرف لبنان بمنع سفره ومنع تصرف على عقاراته وسياراته، كما طلبته للمثول أمامها فى جلسات تحقيق وهو ما لم يقم به سلامة الذى تقدم بطلب رد ضدها متهما إياها باستهدافه لشخصه مستشهدا بما شنته من هجوم سابق عليه فى مرات عديدة، مؤكدا أنه خضع فيما قبل للتحقيق واستعان بشركة خاصة للتحقق من مصادر ثروته والتى أعدت تقريرا وسلم نسخه منه لرئاسة مجلس الوزراء.
وبعد تغيب رياض سلامة عن جلسات التحقيق، أصدرت القاضية غادة عون مطلع الشهر الجارى مذكرة ضبط وإحضار بحق حاكم المصرف وهو ما أثار جدلا سياسيا واسعا وخصوصا أن هذا الأمر تزامن مع بيانات للرئاسة اللبنانية استهدفت حاكمية مصرف لبنان المركزى وحذرت مما اعتبرته محاولات لعرقلة التحقيق الجنائى فى حسابات مصرف لبنان والذى تقوم به شركة خاصة بتكليف من مجلس الوزراء اللبنانى والرئاسة اللبنانية ومجلس النواب.
وتوجهت قوة من مديرية أمن الدولة لتنفيذ الأمر، إلا أنها لم تتمكن من ذلك وسط أقاويل تم تداولها أن قوة تابعة لمديرية الأمن الداخلى بلبنان والمكلفة بحراسة حاكم مصرف لبنان قد منعت قوة أمن الدولة من تنفيذ الأمر.
ورغم نفى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلى والمديرية العامة لأمن الدولة هذا الأمر أمس الأول، إلا أن القاضية غادة عون اتهمت فى محضر رسمى الأربعاء، المدير العام لقوى الأمن الداخلى اللواء عماد عثمان فى موضوع التدخل بمنع دورية من تنفيذ مذكرة الضبط والإحضار بحق حاكم المصرف.
وأدى اتهام مدير قوى الأمن الداخلى إلى تصعيد التوتر القائم بين رئاسة الجمهورية من جهة وتيار المستقبل وعدد من القوى السياسية من جهة أخرى، إذ أصدر تيار المستقبل بيانا شديد اللهجة حمل فيه رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسى التيار الوطنى الحر مسئولية ما وصفه التيار بحملة لضرب مؤسسات الدولة الشرعية.