في 9 أبريل عام 1948، نفذت مجموعتا الإرغون وشتيرن الصهيونيتان، مذبحة في صفوف المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ، في قرية دير ياسين الفلسطينية الواقعة غربي القدس، ويتراوح تقدير عدد الضحايا بين 250 و360 حسب المصادر العربية والفلسطينية، و109 حسب المصادر الغربية، وتمر اليوم السبت الذكرى الـ 74 على تلك المذبحة التى مازالت حاضرة في ذاكرة التاريخ.
وقامت عناصر من منظمتي (الأرجون وشتيرن) بشن هجوم على قرية دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، للاستيلاء على القرية، وانقضّ المهاجمون اليهود تسبقهم سيارة مصفّحة على القرية وفوجيء المهاجمون بمقاومة أهالي القرية، وطلب بعد ذلك المهاجمون المساعدة من قيادة الهاجاناه في القدس وجاءت التعزيزات، وفتح اليهود الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالضحايا إلى قرية دير ياسين وتم انتهاك جميع المواثيق والأعراف الدولية حيث جرت أبشع أنواع التعذيب.
وتقع دير ياسين على المنحدرات الشرقية لتل يبلغ علو قمته 800 م، وكانت تواجه الضواحي الغربية اليهودية للقدس التي شملت ست مستعمرات كان أقربها مستعمرة غفعات شاؤول، وشكلت هذه المستعمرات سداً منيعاً بين دير ياسين والقدس، وفصل بينها وبين المستعمرات اليهودية وادٍ ذو مصاطب غُرست فيها أشجار اللوز والتين والزيتون وكروم العنب. وارتبطت بالعالم الخارجي بواسطة طريق ترابية واحدة تسلكها السيارات شمالي الوادي، وتمر عبر غفعات شاؤول، ومنها إلى القدس، وكانت أقرب القرى العربية إليها عين كارم ولفتا.
وفي سنة 1948، بلغت مساحة دير ياسين 2700 دونم، كان أكثر من نصفها مزروعاً، أمّا عدد سكانها فقدّر بـ 750 نسمة، وعدد منازلها 144 منزلاً.
وسبق الهجوم على دير ياسين تطورات سياسية وعسكرية كان لها تأثير كبير في مسار الأحداث. فبعد صدور قرار التقسيم في نوفمبر 1947، وخلال الأشهر التي سبقت نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين في مايو 1948، اشتعلت الحرب في فلسطين ووصل التنافس العسكري إلى ذروته بين منظمة الهاغاناه من جهة ومنظمتي الإرغون (إيتسل) وشتيرن (ليحي) من جهة أُخرى. وكانت الأولى تمثل التيار العمالي بقيادة دافيد بن – غوريون، بينما كانت الأُخريان تمثلان التيار اليميني المسترشد بتعاليم فلاديمير جابوتنسكي، وكان أبرز قادته مناحم بيغن. وتمثل هذا التنافس بالعمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين، وكان أخطر مسارحه مدينة القدس وريفها نظراً إلى ما تمثله القدس من أهمية رمزية وتاريخية ودينية وسياسية واستراتيجية.
بعد مذبحة دير ياسين، استوطن اليهود القرية وفي عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الإرجون الذين نفّذوا المذبحة.