تمر علينا اليوم ذكرى ميلاد شيخ المجاهدين عمر المختار، والذى قاد حركة المقاومة والجهاد ضد الإيطاليين خلال احتلالهم ليبيا عام 1911، ويعد من أبرز القادة والشخصيات في ليبيا والوطن العربي الذي جاهدوا في سبيل تحرير بلادهم من الاستعمار الأوروبي خلال القرن العشرين.
استمر المختار في جهاده لمدة 20 عاما، فاز فيها في معارك عديدة وأذاق الإيطاليين هزائم متتابعة، حتى وإن خسر في معارك أخرى، كما وحصل على العديد من الألقاب التي اشتهر بها في الوطن العربي، مثل شيخ المجاهدين، أسد الصحراء، وخلال السطور التالية يرصد "صدى البلد"، أبرز المعلومات عن القائد الليبي عمر المختار والمعارك التي خاضها في سبيل تحرير وطنه من المحتل الإيطالي.
ولد عمر المختار فى 20 أغسطس عام 1862م في قرية زاوية حنزور في برقة شرقي ليبيا، وتوفي والده وهو في سن صغير، وتعلم القرآن في طفولته بـ زاوية القرية، ثم توجه بعدها إلى واحة جغبوب، معقل السنوسيين، وهناك درس الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية من مشايخ الطريقة وعلى رأسهم المهدي السنوسي.
كلفه المهدي السنوسي في عام 1897، بشياخة بلدة زاوية القصور في الجبل الأخضر، وحصل في تلك الفترة على لقب "سيدي"، الذي يحظى به شيوخ الحركة السنوسية الكبار.
سافر شيخ المجاهدين أيضا لسنوات في السودان، نائبا عن المهدي السنوسي، وأقام في الغرب السوداني بقرية قرو، ثم عين بعدها شيخا لزاوية عين كلك، ولقب عمرو المختار خلال السفر إلى السودان بـ "أسد الصحراء"، وطبقا لرواية من كانوا معه أنه في الطريق، فقد هاجمهم أسد، وبدلا من ترك جمل للأسد كي ينصرف عنهم، هب شيخ المجاهدين على جواد وأطلق النار صوب الأسد، وراح يطارده ثم عاد للرحالة برأسه.
الحرب ضد بريطانيا وفرنسا
شارك عمر المختار أيضا في القتال الذي نشب بين السنوسية والفرنسيين في المناطق الجنوبية في السودان، إضافة إلى قتال الفرنسيين عندما بدأ استعمارهم لتشاد عام 1900، في عام 1902، عاد عمر المختار مجددا إلى ليبيا، بعد وفاة محمد المهدي السنوسي، وعين مجددا شيخا لبلدة زاوية القصور، وظل المختار قي هذا المنصب 8 سنوات حتى 1911، قاتل خلالها جيوش الانتداب البريطاني على الحدود المصرية الليبية في البردية والسلوم.
في عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، ودخلت قواتها الأراضي الليبية، وفي العام التالي أعلنت روما أن ليبيا مستعمرة إيطالية، ومنذ ذلك الوقت قاد المختار صاحب 53 عاما وقتها، المقاومة الليبية ضد الإيطاليين لنحو 20 عاما أوقع خلالها خسائر فادحة بصفوف الإيطاليين.
وشهدت ليبيا عقب الاحتلال الإيطالي عددا من المعارك الكبيرة بين المقاومة بقيادة المختار والقوات الإيطالية، منها معركة درنة فى مايو 1913 التي دامت يومين، وانتهت بمقتل 70 جنديا إيطاليا وإصابة نحو 400 آخرين، ومعركة بو شمال عند عين ماره فى أكتوبر 1913، فضلا عن معارك أم شخنب وشلظيمة والزويتينة في فبراير 1914 والتي كان يتنقل خلالها المختار بين جبهات القتال ويقود المعارك.
في 11 سبتمبر 1931، تمكن الإيطاليون من أسر عمر المختار بعد معركة قتل فيها حصانه وتحطمت نظارته، وفي 14 سبتمبر وصل القائد الإيطالي غراتسياني إلى بنغازي، وأعلن أن المحاكمة في اليوم التالي، وفي الخامسة مساء اليوم المحدد 15 سبتمبر حكم على المختار بالإعدام شنقا، وتم إعدامه في 16 سبتمبر، ومن أشهر ما قاله شيخ المجاهدين لقادة الاحتلال الإيطالي حينما طالبوه بالاستسلام والكف عن مقاومتهم: "نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت".