بدا رئيس الوزراء الجزائرى أيمن بن عبد الرحمن، متأثرا بشدة عند حديثه عن نقص المواد الاستهلاكية فى السوق، وذلك خلال رده على النواب بعد مناقشة عرض بيان السياسة العامة الذى تقدم به منتصف الأسبوع.
وتوعدت النيابة العامة من جهتها، باتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين الذين تتهمهم السلطات بالوقوف وراء موجات الندرة غير المبررة.
قال بن عبد الرحمن، مخاطبا النواب: "أتقدم باعتذار لكل رب بيت بيت وجدوا صعوبة في الحصول على بعض المواد واسعة الاستهلاك”، قبل أن يتوقف عن الحديث لثوان غلبته فيها الدموع، وهو مشهد قوبل بتصفيق حار من النواب.
ووعد بن عبد الرحمن في رده على النواب بأن "الدولة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بقوت الجزائريين وتهريبه لخلق جو من البلبلة ودفع الدولة إلى فتح الباب على مصراعيه للعودة إلى الاستيراد الوحشي الذي كان موجودا” من قبل. وأشار إلى أن كل المواد ذات الاستهلاك الواسع "متوفرة وبشكل كاف” مع وجود "مخزون إستراتيجي هام لكل المواد”، لافتا إلى أن لجنة التحقيق البرلمانية وقفت على هذا الوضع.
وأبرز الوزير الأول أن القدرة الشرائية للمواطن تظل في صلب اهتمامات السياسات العمومية، من خلال انتهاج سياسة للتجارة الخارجية تضبط الواردات ولا تكبحها، مضيفا أن ارتفاع الأسعار ليس خاصا بالجزائر، بل هو ظاهرة مسّت معظم دول العالم بما فيها النامية والمتطورة. وأضاف: "لا يمكن الحديث عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأي بلد، دون الحديث عن موضوع القدرة الشرائية للمواطن، الذي يبقى دائما في صلب اهتمامات السياسات العمومية”. وتابع: "لست بصدد التبرير، بل لأقدم توضيحات كي نساهم جميعا، كل فيما يخصه، من أجل ألا نترك مجالا للمغرضين للتسويد المقصود للوضع”.
وعزا بن عبد الرحمن معدل التضخم المرتفع إلى زيادة تكلفة إنتاج السلع والخدمات، وضرب مثالا على ذلك بانتقال تكلفة نقل حاوية 40 قدما من الصين إلى الجزائر، من معدل 3.500 دولار في سنة 2019، إلى 20 ألف دولار في بداية 2022، أي بمعدل زيادة فاق 470%. ونفى المسؤول عن الحكومة تماما أن تكون السلطات قد أوقفت الاستيراد، وهو اتهام وجهه لها بعض النواب، مستدلا بكون فاتورة الواردات قد بلغت إلى غاية أغسطس الماضي، 26.5 مليار دولار، مقابل 24.5 مليار دولار في نفس الفترة من سنة 2021، وهو ما يدل بحسبه على أن الدولة لم تكبح أبدا الاستيراد.
وفي إحالة إلى فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، قال الوزير الأول إن مصالحه ستقف بالمرصاد لـ”الاستيراد الإجرامي” وإلى "الحاويات الفارغة” التي عرفتها الفترة السابقة، حيث "كنا نرى المئات من الحاويات تحتوي على الحجارة والنفايات تستورد بمئات الملايين من الدولارات مستنزفة لمقدرات الأمة من طرف من كانوا يريدون تركيع البلاد”. وكانت هذه الوسيلة تستعمل بكثرة من طرف مافيا الاستيراد لتهريب الأموال بالعملة الصعبة للبنوك الأجنبية، والاستفادة من سعر الصرف الرسمي المتاح للمستوردين.
وكان النواب قد نقلوا انشغالات المواطنين حول حياتهم اليومية التي باتوا يفتقدون فيها بعض المواد الأساسية مثل الزيت والحليب وعدد من الأدوية، ناهيك عن أزمة سوق السيارات التي توقف الاستيراد الرسمي لها منذ 3 سنوات، وأشاروا إلى الغلاء الفاحش الذي تعرفه المواد الاستهلاكية، هو ما أثر كثيرا على القدرة الشرائية للمواطنين.