قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ،إن مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة يأتي مرحلة تحول مهمة في تاريخ العراق المعاصر، حيث يتخذ خطوات ملموسة على صعيد استعادة التوازن في علاقاته بمحيطه العربي والإقليمي، وذلك بعد تشكيل حكومة جديدة جاءت في أعقاب مخاض عسير شهد استقطاباتٍ داخلية حادة، نجح العراقيون في احتوائها بمنطق السياسة وآلية الحوار، داعيا لمواصلة هذا النهج الاحتوائي في المستقبل من دون إقصاء لأي طرف أو جماعة سياسية، حفاظاً على السلم الأهلي للبلاد بكل مكوناته وأطيافه.
وأضاف الأمين العام، في كلمته أمام المؤتمر اليوم الثلاثاء، أن هذه الحكومة أخذت على عاتقها مهمةً صعبة من أجل استعادة ثقة الشعب وتخفيف معاناته، مؤكدا أن العراقيين يتطلعون لمرحلة جديدة تطوي صفحة المحن والمآسي التي عانى منها العراق على مدى عقود، وبما يُمكِّن هذا البلد من تحقيق الازدهار والتنمية، والقيام بدوره في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بعيداً عن أى تجاذبات إقليمية أو مساعٍ لبسط النفوذ أو الهيمنة.
واستطرد أبو الغيط أن العراق لا ينبغي له أن يكون ساحة للصراع أو تصفية الحسابات، معربا عن دعم حق العراقيين في مستقبلاً أفضل لأبنائهم، وأن يحققوا تطلعاتِهم المشروعة في النمو والاستقرار بتوظيف الإمكانيات الهائلة لبلدهم.
وثمة نقاط مضيئة على الساحة الإقليمية، بحسب أبو الغيط، فهناك إدراك لدى الدول بأن التعاون وبناء شبكات من المصالح المتبادلة، يُمثل مساراً لا غِنى عنه من أجل تجاوز الصعوبات الاقتصادية، موضحا إن موارد المنطقة يمكن أن تتعاظم مراتٍ ومراتٍ إن هي استُغلت في إطار من التعاون البنّاء، وتمثل المشروعات الطموحة بين عددٍ من الدول العربية -من الربط الكهربائي إلى الاستثمارات المشتركة في البنية الأساسية- طاقةَ أملٍ لشعوب المنطقة وشبابها، ولا شك أن هذا الاجتماع يُعد منصةً مهمة لتعزيز هذا النوع من التعاون والتشبيك عبر الإقليم.
وأضاف أن تحقيق الازدهار للإقليم يظل رهناً بتخفيض حدة التوترات الأمنية والتهديدات، مؤكدا أن معالجة حالة الاستقطاب في الإقليم تبدأ من التزام جميع الأطراف بالمبدأ المؤسس للعلاقات الدولية الحديثة، وهو عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، واتباع سياسة حسن الجوار، فضلاً عن الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها كوسيلة لحل المنازعات.
وأشار إلى الصراعات والأزمات باعتبارها انعكاساً لاستمرار بعض الأطراف الإقليمية في مباشرة تدخلات سافرة تؤجج الصراع والعنف، وتغذى النعرات الطائفية والانقسامات، موضحا إن هذه التدخلات الإقليمية لا تضر العراق واستقراره وسلمه الأهلي فحسب، وإنما تُسهم فى زعزعة الأمن والاستقرار الإقليميين، وتزيد من حدة الأزمات القائمة وتُضعف من فرص حلها.
وأضاف أن المنطقةَ تقف في لحظةٍ فاصلة بين اليأس والأمل وعوامل الأمل أكبر بكثير من بواعث اليأس والإحباط، مؤكدا أن دولَ المنطقة قادرةٌ على خلق واقع جديد من الشراكة والتعاون والتنسيق على كافة المستويات.
وأعرب عن وقوف الجامعة العربية بكل قوة خلف كل جهد مخلص لمد الجسور وتعزيز شبكات المصالح المشتركة، حيث تعتبر دعم العراق في هذه المرحلة ركناً أساسياً في استراتيجية النهوض الإقليمي الشامل وتساند العراق وأهله وحكومته في نضالهم من أجل عبور ظلام اليأس إلى آفاق الأمل والازدهار.