قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتى أن لبنان وهو على مشارف العام الجديد، أمام مفترق طرق خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم، مطالبا بأن يترفع كافة المسئولين السياسيين عن مصالحهم الضيقة ويبدون المصلحة العامة ويعززون القواسم المشتركة، بما يؤسس للخروج من الكبوة القاتمة واحتواء المخاطر الكامنة والى الانتقال إلى حقبة من النهوض الاقتصادي المرجو في الأفق.
جاء ذلك في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمنتدى الاقتصاد العربى في دورته الثامنة والعشرين والذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال بلبنان بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي.
وأوضح ميقاتي أنه في حال تحقق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة، معتبرا أن هذا الأمر يتحقق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج إصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وإيجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل.
ودعا إلى استكمال الخطوات المطلوبة للانتقال إلى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل، متوقعا أنه في حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% إلى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة.
وأضاف أن السيناريو المعاكس سوف يؤدّي إلى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية وعلى الأُسَر اللبنانية بشكل عام.
وأشار ميقاتي إلى أن الاقتصاد اللبناني رغم الضغوطات الماكرو-اقتصادية المستمرة والاختلالات المالية المتواصلة في ظل تشنج سياسي متعاظم، عاد الاقتصاد ليسجل هذا العام نموا يقارب 2% بالقيم الفعلية، بعد الانكماش الصافي الملحوظ الذي شهده منذ بداية الأزمة، مشيرا إلى أن نمو الاستيراد بنسبة 44% في الأشهر ألاحدي عشرة الأولى من هذا العام مردّه الى تحسن النشاط الاقتصادي المحلي في ظل ارتفاع الطلب الداخلي.
ونوه إلى تحسن عدد من المؤشرات الماكرو اقتصادية بلبنان وأبرزها تحسن قطاع البناء والقطاع العقاري وارتفاع تدفق الزائرين عبر مطار بيروت بنسبة 53% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري بالإضافة إلى زيادة عدد السياح بنسبة 70% في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، مع توقع موسم مزدهر لعيدي الميلاد ورأس السنة، فضلا عن تحسن النشاط الفندقي مع ارتفاع نسبة إشغال الفنادق من 45% في الأشهر التسعة الأولي من العام 2021 إلى 55% في الأشهر التسعة الأولي من العام الجاري.
وأضاف أن هناك تحسنا موازيا في التدفقات المالية بالعملة الصعبة باتجاه الاقتصاد المحلي وزيادة تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 7% في العام 2022 لتبلغ 6,8 مليار دولار.
واستطرد قائلا إن القطاع الخاص اللبناني ما زال يعمل دون قدرته الإنتاجية بشكل ملحوظ ويتطلع إلى استتباب الأوضاع السياسية العامة ،وتجاوز الاستحقاقات الدستورية الداهمة من أجل استعادة عامل الثقة والتوصل إلى توافق حول الأجندة الإصلاحية ،وإبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي من أجل إعادة البلاد إلى مسار النمو المرجو، فيما بات القطاع الخاص يعاني تحت أزمة هائلة.
وأوضح أن الدولة اللبنانية أنجزت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوباً وأطلقت عملية الاستكشاف في البلوك رقم 9 ،وسوف تقوم الشركات المكلفة بذلك بحفر بئر استكشافي في العام 2023، مؤكدا أنه في حال أتت نتائج التنقيب إيجابية، يتعزز عامل الثقة في الأسواق، مشيرا إلى أن استكشاف الغاز سيدر مكاسب اقتصادية هامة على لبنان من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز إيرادات الدولة، كما سيخفض من عجز قطاع الطاقة ويعزز الوضعية الخارجية للبنان ويساعد على الدخول في نهوض اقتصادي عام.
وقال ميقاتي إن عملية المسار السريع للاستكشاف سوف يستتبعها تطوير للحقل بالسرعة القصوى، وذلك لإمداد السوق المحلي بالغاز الطبيعي، وعلى وجه التحديد معامل الكهرباء، بدءاً بمعمل الزهراني جنوباً حتى دير عمار شمالاً، مؤكدا أنه سيكون هناك دور كبير للقطاع الخاص في عملية تمويل وإنشاء البنى التحتية للغاز الطبيعي، مما سيساعد على خفض كلفة الكيلوات ساعة وسوف يسهم في تنمية الصناعات المحلية التي سوف تعتمد على الغاز الطبيعي.
وأكد أن الحكومة تعمل جاهدةً على إعطاء الأولوية لقطاع الطاقة في لبنان لما لهذا القطاع من تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني.