قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن الحرب الروسية الأوكرانية ستعوق لا محالة جهود المجتمع الدولى، للتعامل مع قضايا أخرى أكثر إلحاحاً وأهمية، مشيرا إلى أن الانقسامات الحادة بين الدول وحالة الاستقطاب الحالية تهدد بإضعاف الإرادة المشتركة وتوافق الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضح أن تحويل مخصصات مالية ضخمة لتمويل الحرب أو التخفيف من آثارها داخليا، يأتي على حساب التمويل الدولي للمشاريع المستدامة والمساعدات المخصصة لدعم المناطق الفقيرة التي هي في أشد الحاجة إليها.
جاء ذلك في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمنتدى التنمية المستدامة لعام 2023 المنعقد في العاصمة اللبنانية بيروت بدء من اليوم ولمدة ثلاثة أيام، بحضور وزير التخطيط والتعاون الدولي بالجمهورية اليمنية واعد عبد الله باذيب رئيس المنتدى العربي للتنمية المستدامة للعام 2023، وأمينة محمد نائبة السكرتير العام للأمم المتحدة ورولا دشتي وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا.
وجدد أبو الغيط التزام جامعة الدول العربية ببذل المزيد من الجهود دون كلل لتحقيق إنجازات جديدة من شأنها تحقيق التنمية المنشودة لكل العرب، مضيفا "عندما التقينا خلال النسخة الماضية من هذا المنتدى، كان ذلك بالضبط بعد مرور ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتتذكرون معي أننا قد عبرنا جميعاً آنذاك عن مخاوفنا من تأثير تلك الأزمة على السلم والأمن ومن تداعياتها السلبية على العالم أجمع وعلى المنطقة العربية على وجه الخصوص."
واعتبر أنه بعد مرور عام على الحرب التي لا تزال قائمة، ازدادت الشكوك والمخاوف، مشيرا إلى أن الصورة تبدو قاتمة بعدما تحولت الحرب إلى صراع بين روسيا وجبهة غربية عرضية، مؤكدا أن آثار العقوبات الاقتصادية وتبعاتها امتدت إلى كافة الأقاليم دون استثناء، كما تراجعت قدرة العمل متعدد الأطراف بشكل واضح على فض النزاعات، موضحا أنه لا يرى نهاية قريبة لتلك الحرب في ظل ما يتم رصده من استمرار الحشد لها والحديث عن استعدادات لزيادة حدة القتال مع دخول فصل الربيع وتشدد المواقف وشعور الطرفين بإمكانية تحقيق الحسم العسكري.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن التركيز على الحرب الروسية الأوكرانية على خطورتها وأهميتها ، لا يجب أن يخفي أن هناك أزمات أخرى تنتظر حلولاً وبعضها منذ عقود مثل ازدياد انتشار الفقر والجوع ووفيات الأطفال والأمهات، مشيرا إلى أن العالم لم يتعاف بعد من آثار أزمة كوفيد19 كما لا تزال أعداد النازحين في ارتفاع مستمر كما تعاظم مخاطر التغير المناخي على نحو مقلق.
وأثنى على اختيار عنوان "حلول وعمل" كعنوان لهذه النسخة من المنتدى، معتبرا أنه يعكس رغبة مشتركة في استعراض التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومناقشة الحلول وتبادل أفضل الخبرات التي تساعد على تجاوز العقبات الكثيرة والمعقدة التي تواجه المنطقة.
واعتبر أن المنطقة تواجه عدداً من المشكلات المتداخلة والمعقدة التي أصبحت واقعا مستداما يجب التعامل معه باستمرار، ويقتضي حلها خططاً شاملة لا تقبل التجزئة للوصول إلى استراتيجيات مستدامة، موضحا أن المنطقة تحتاج إلى بناء قدرات مؤسساتها الوطنية والإقليمية لجعلها أكثر مرونة وقدرة على التنبؤ.
وأكد أن جامعة الدول العربية تواصل مسيرة تعاونها مع الاسكوا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية ،وذلك عبر تنفيذها لعدد من الأنشطة المشتركة التي ترمي إلى دعم وبناء القدرات العربية في مجالات متعددة مرتبطة بالاستدامة والتنمية، مستعرضا الجهود المشتركة التي بذلتها الأمانة العامة للجامعة والاسكوا للتحضير للمؤتمر العالمي للمياه المقرر عقده الأسبوع القادم في نيويورك، موضحا أن المنطقة العربية تعاني من أزمة نقص المياه، وداعيا لمعالجة أزمة سد النهضة مشددا على أن تأثيره سلبيا على الأمن المائي في مصر والسودان.
واستعرض أبوالغيط، في كلمته، الانتهاء من تطوير وتفعيل الاستراتيجية العربية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والمعروفة اختصاراً باسم الأجندة الرقمية العربية" والتي اعتمدها مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات، معبرا عن تطلعه في هذا الشأن إلى إطلاقها في المستقبل القريب، مشددا على التزام جامعة الدول العربية بتنفيذها بالتعاون مع الاسكوا وكافة الشركاء لتعزيز التحول الرقمي في المنطقة العربية.
وذكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الجامعة والاسكوا بدأتا إعداد خطة مشتركة تحت مسمى "الرؤية العربية 2045" إيماناً منهما بأهمية وضع رؤية استراتيجية عربية تنفذ بحلول عام 2045 الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
وتطرق لجهود جامعة الدول العربية في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحا أنها أطلقت بالتعاون مع عدد من الشركاء "مبادرة القضاء على الجوع في المنطقة العربية" التي تدعو إلى التعامل السريع مع تحديات الأمن الغذائي العربي، كما أطلقت مبادرة " الورقة البيضاء للمبادرة الإقليمية للأمن المناخي في المنطقة العربية" خلال أعمال قمة المناخ في شرم الشيخ COP27 ، مشيرا إلى أنها مبادرة تتناول الترابط بيت تغيرات المناخ وتأثير على أمن واستقرار المجتمعات.
وأشار إلى أنه قرر إدراج موضوع التمويل المستدام على جدول أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقرر عقدها في موريتانيا نهاية هذه السنة.
وعبر أبو الغيط عن أمله في أن تكلل أعمال هذا المنتدى بكل النجاح وأن تساهم رسائله ومخرجاته في إيصال الرؤية العربية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة معتبرا أن هذا العام سيشهد أحداثاً هامة وذلك في إشارة إلى القمة العالمية للتنمية المستدامة والحوار رفيع المستوى بشأن تمويل التنمية.