دخلت تونس، ليل الجمعة السبت، حالة الطوارئ المائية الذى يتمثل فى نظام مقنن يستمر لعدة أشهر لتوزيع الماء الصالح للشرب، ومنع استعماله أغراض أخرى بسبب أزمة الجفاف، حسبما ذكرت شبكة سكاى نيوز.
ويأتى هذا الأمر على خلفية أزمة شح الموارد المائية فى تونس التى فاقمتها التغيرات المناخية وموجة الجفاف التى تضرب البلاد منذ 4 سنوات.
وذكرت وزارة الفلاحة والموارد المائية التونسية في بيان أن القرارات الجديدة المتعلقة بترشيد استعمال الموارد المائية ستبقى سارية المفعول حتى 30 سبتمبر المقبل، محذرة المخالفين بأنهم يعرضون أنفسهم لعقوبات مالية، وأخرى تضمن السجن.
وأثر جفاف المناخ في السنوات الأخيرة في تغذية المائدة الجوفية ومستوى تعبئة السدود الذي لم يتجاوز 30 بالمئة وفق الأرقام الرسمية، وهو ما يهدد الأمن المائي للتونسيين.
وقال المهندس في الموارد الطبيعية وعضو شبكة تونس الخضراء، ياسر سويلمي، فى تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "أزمة شح المياه اليوم عالمية ولكنها تبدو أكثر تأثيرا فى عدد من المناطق ومن بينها تونس بسبب التغيرات المناخية التى تعيشها البلاد للعام الخامس على التوالى".
واعتبر سويلميىأن أزمة ندرة المياه تعمقت فى تونس عبر السنوات الماضية جراء سوء الحوكمة، إذ تستهلك الأنشطة في قطاع الزراعة 83 بالمئة من موارد البلاد المائية ويزرع الفلاحون في تونس الفراولة والكرز والطماطم وغيرها من المنتجات المستهلكة للمياه، وهي في أغلبها معدة للتصدير مما يعني أن الماء يوجه للتصدير عبر نمط زراعة مستهلك جدا.
وقال إن الأمر يدعو إلى المبادرة بتغيير النمط الزراعي بشكل عاجل، وعدم العودة إليه إلا في حال تحسن الموارد المائية وعودة المخزون المائي إلى معدلاته الطبيعية.
وحث مهندس الموارد الطبيعية على كشف واقع الشح المائى للرأي العام، بما يسمح بالمرور إلى إجراءات جدية لحل الأزمة، خاصة أن التوقعات منخفضة فى خصوص وضع الموارد المائية المخزنة المهددة بالنفاذ مع حلول شهر سبتمبر، مع توقعات ضئيلة بنزول بعض الأمطار في شهر أغسطس المقبل.
وطالب بتغيير السياسات العمومية في حوكمة المياه لتجاوز الأزمة بعيدا عن الحلول المؤقتة المتعلقة بمراقبة توزيع مياه الشرب، لأنها لا تتعدى 13 بالمئة من المياه في تونس ولا يمكن التعويل على تقليص الاستهلاك المنزلي، دون التخفيض بنسبة خمس في المئة على الأقل من المياه الموجهة للزراعة في أقرب الآجال.
وكشف عن أن شبكة الربط بمياه الشرب التي لم تتغير منذ عشرات السنوات متدهورة جدا، وتساهم في تسرب المياه وإهدارها، كما تؤثر على جودة المياه، معتبرا أن إصلاح الشبكات سيسمح بتوفير كميات هامة من الماء، وكذلك ترشيد استعمال الماء داخل المصانع وفرض إجراءات لتقنين إلقاء المياه الملوثة وهي حلول سريعة يمكن اللجوء إليها وهي أقل كلفة من محطات تحلية مياه البحر التي تسعى تونس لتركيزها.
ومن جهته، دعا الخبير في الشأن المناخى، حمدى حشاد، إلى التعايش مع انقطاع الماء بسبب تواتر مواسم الجفاف في البلاد وتراجع سقوط المطر، معتبرا أن التغيرات المناخية ساهمت في رفع وتيرة مواسم الجفاف 20 مرة.
وقال حشاد لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تونس مهددة بعدة ظواهر مناخية على غرار الجفاف والاحتباس الحراري وتراجع كميات الأمطار، وهذا سيؤثر على الاستقرار المائي سيؤثر على قطاع الزراعة والصادرات والأمن الغذائي.
واعتبر أن وضعا كهذا يستدعي وضع استراتيجية لوقف استنزاف الموارد المائية وإيجاد البدائل بالاتجاه نحو زراعات أقل استهلاكا للمياه وأكثر مقاومة للجفاف، والتخلي عن إنشاء المسابح الخاصة والحدائق المعشبة والتي تستهلك كميات كبيرة من الماء.
ولفت إلى أن التغيرات المناخية ستغير الخريطة الزراعية في تونس ويجب التعايش معها لأن عصر الرفاهية المائية لم يعد متاحا.
يذكر أن تونس كانت قد سجلت نقصا في إيرادات السدود في حدود 1 مليار متر مكعب بعد تراجع التساقطات بنسبة 70 بالمائة عام 2022 ، مما يرجح تراجع نصيب الفرد من الماء إلى ما تحت 250 متر مكعب للفرد خلال عام 2023 بعد أن كان في حدود 420 متر مكعب للفرد سنويا.