أكد الأمين لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن قضية "الأمن الغذائى العربى" تُعدّ إحدى أهم الأولويات العربية وأكثرها إلحاحاً، وذلك بالنظر إلى تناقص المخزون الغذائى على المستوى العالمى، فضلاً عن ارتفاع الأسعار ومحدودية الموارد، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تواجه بالإضافة إلى ذلك، تحدياً كبيراً يتمثل في استمرار النمو السكاني، وأن الوضع سيزداد صعوبة إذا لم يتم التعامل معه بالسرعة الكافية.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط التي ألقاها نيابة عنه السفير حسام زكي الأمين العام المساعد، خلال أعمال الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة (الدورة العادية 32).
ولفت إلى أنه "في هذا الشأن، وافقت قمة الجزائر، العام الماضي على عدد من الخطط منها على سبيل المثال البرنامج المستدام للأمن الغذائي العربي والوثائق المكملة له، والاستراتيجية العربية للتنمية الزراعية المستدامة، ومبادرة تحسين النوعية التكنولوجية للقمح المنتج محلياً، واستدامة المراعي العربية.. وغيرها".
وشدد أبو الغيط على أن هذا الموضوع سيحظى بقدر كبير من النقاش خلال القمم العربية القادمة ومنها أعمال الدورة الخامسة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية المُقرّر أن تستضيفها الجمهورية الإسلامية الموريتانية قبل نهاية هذا العام.
ووجه خالص التهنئة وعميق الشكر إلى المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وإلى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على تولي قيادة العمل العربي المشترك لهذا العام، متمنياً للمملكة قيادةً وحكومةً وشعباً دوام الرفعة والازدهار".
وقال أبو الغيط إن الاجتماعات الوزارية التحضيرية لأعمال القمة العربية في دورتها العادية الـ 32 ، تأتي وسط تطورات إيجابية تشهدها المنطقة العربية، وذلك في ظل المستجدات المتعلقة بإحدى أهم الأزمات العربية التي استعصت على الحل لأكثر من عقدِ من الزمن.. وأقصد هنا الأزمة السورية..
حيث تستأنف وفود الحكومة السورية مشاركتها في اجتماعات الجامعة العربية، تنفيذاً لقرار وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأسبوع الماضي.. وفي هذا الشأن ستقوم الأمانة العامة بالتنسيق مع الجانب السوري لإطلاعه على مستجدات العمل العربي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف "أن هذه الأجواء من شأنها أن تدفعنا إلى تجديد العهد والعزيمة على تفعيل مبدأ التضامن العربي، والذي بدأ بالفعل يأخذ منحاه الجدير به، ويعكس على نحوٍ عملي المساندة والمؤازرة بين الدول العربية.. والمؤاخاة التي لطالما تطلّعت إليها الشعوب العربية.. لتحقيق التكامل الذي بُنيت عليه جهود تأسيس جامعة الدول العربية".
وتابع أبو الغيط "غير أن الأجواء الإيجابية تلك، لا ينبغي لها أن تدفعنا بعيداً عن الواقع الذي تشهده المنطقة العربية منذ سنين خلت؛ ألا وهو تراكم التحديات الخطيرة وتداخلها، والتي لا زال يتعرّض لها البنيان العربي وأركانه الأساسية .. هذه التحديات شديدة التداخل وعميقة التأثير،
وقد أفرزت موجة جديدة من موجات النزوح واللجوء في المنطقة العربية، وألقت بظلالها على مختلف جوانب الحياة، على نحو لم يزل يبُث تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي بمختلف أركانه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية".
واستطرد قائلا "إن هذا الواقع يستدعي بالإضافة إلى تكثيف الجهود لإيجاد حلول سياسية عربية مستدامة، تعزيز العمل العربي الاقتصادي والاجتماعي.. وانطلاقاً من ذلك، أدعو مجلسَكم الموقر، باعتباره الذراع التنفيذي لمنظومة العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، إلى تكثيف العمل لوضع خطط عمل قابلة للتنفيذ وذات أُفق زمني واضح، من أجل تخفيف المعاناة عن الفئات الضعيفة في المجتمعات العربية، وتلك التي تواجه مصاعب لا طاقة لها بها.. وجامعة الدول العربية على أتمّ الاستعداد لتيسير تلك الجهود وتقريب الخُطى وتنسيق التحركات".
وأوضح أبو الغيط أن جدول أعمال اجتماع اليوم يتناول البنود المُدرجة في الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع للقادة العرب بعد أيامٍ قليلة، والتي تمت مناقشتها باستفاضة خلال الفترة الأخيرة، وهي موضوعات مهمة من ضمنها بعض الاتفاقات والاستراتيجيات العربية التي تم التوصل إليها بعد جهود مضنية بذلتها اللجان المختصة وفِرق العمل المعنية، وأقرتها المجالس الوزارية، ومنها الاستراتيجية العربية للسياحة، والاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات المعروفة اختصارا باسم "الأجندة الرقمية العربية"، والعقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة، التي أطلقها الأمين العام من أجل ضمان حياة كريمة للأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير فرص عمل لهم، وذلك بالنظر إلى أن تلك الفئة تُعدّ من أكثر الفئات تأثراً بالجوائح والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية، كما أن كثيراً منهم يعانون من الفقر متعدد الأبعاد.
ونوه إلى أن "اجتماع اليوم يبحث سبُل تفعيل اتفاقيات النقل التي أُبرمت في إطار المنظومة العربية، وهي عديدة ومترابطة، حيث أن النقل يعد ركنا أساسيا من أركان التكامل الاقتصادي العربي، وقد شكّل عائقا أمام زيادة التجارة البينية العربية وازدهارها.. ونظرا للتأخر المسجل في الانضمام إلى تلك الاتفاقيات وتفعيلها ارتأت الأمانة العامة أهمية طرح الموضوع على مجلسكم الموقر للدفع به قدما".