أياد خفية تحاول العبث بأمن تونس وأزمات مفتعلة وحرب شائعات وأكاذيب تتولى الترويج لها عناصر بالداخل وصفها الرئيس التونسى قيس سعيد بـ "الإجرامية"، التى تحاول إسقاط الدولة وترغب بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، هكذا هو الحال فى تونس.
ووسط هذا الواقع الذي تعيشه البلاد يتطلع الشارع التونسي إلى يوم 25 يوليو الجاري، وما سيحمله لهم هذا العام، عقب تأكيدات رئاسية مستمرة باتخاذ كل الإجراءات من أجل صون وحماية أمن الوطن، وهو ما يعيد إلى الأذهان ذكرى هذا اليوم من عام 2021 عندما اتخذ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية أنقذت البلاد من السقوط عندما أطاح بحزب النهضة، التابع لجماعة الإخوان في تونس، الذي حكم البلاد وأوصلها إلى أوضاع متردية.
ولعل هذا اليوم يحمل دائما أحداثا لا تنسى، فقبل 66 عاما حمل يوم 25 يوليو حدثا تاريخيا، غير مجرى التاريخ للشعب التونسي، ففي هذا اليوم عام 1957 تم إلغاء النظام الملكي ودخلت تونس مرحلة جديدة في حياتها بإقامة النظام الجمهوري، ومنذ انبعاث الحياة في النظام الجمهوري في هذا اليوم ظل يحمل في طيّاته جملة من الأحداث الفارقة.
لم يكن إذن 25 يوليو تاريخا عاديا في الذاكرة التونسية، ولم يكن كذلك في عصرها الحديث، ففي هذا اليوم من العام 2019 توفي الرئيس الباجي قائد السبسي وأعلنت حالة الشغور في الرئاسة وتولى رئيس البرلمان حينها محمد الناصر رئاسة البلاد بصفة مؤقتة، حتى خلفه الرئيس قيس سعيد الذي وصل إلى قرطاج في 23 أكتوبر 2019 بعد فوزه في الانتحابات.
بعد قرابة عامين من تولي الرئيس التونسي قيس سعيد مقاليد السلطة حول هذا اليوم إلى ما يصفه بعض السياسيين التونسيين بـ "السنة السياسية"، ففي 25 يوليو 2021 كان الشعب التونسي على موعد مع حقبة جديدة أنهت 10 سنوات عرفت بـ"العشرية السوداء" تولى فيها اتباع الإخوان السلطة وانتشرت فيها الفوضى وتردت فيها الأوضاع على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
غير الرئيس التونسي قيس سعيد، وجه تونس في هذا اليوم من العام 2021، بإجراءات وصفت بالاستثنائية والجريئة، إذ قرر تجميد البرلمان الذي كان يسيطر عليه حركة النهضة "الإخوانية"، وتجريد أعضائه من الحصانة وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، استجابة للاحتجاجات التي عمت البلاد حرق خلالها مقار حركة النهضة الإخوانية، وطالب خلالها المتظاهرون بوضع حد لفساد الجماعة، وبالتالي أنهى الرئيس بتلك الإجراءات اضطرابات استمرت 10 أعوام تحت حكم الجماعة الإرهابية، وأوصلت تونس إلى حافة الهاوية.
عاشت تونس عاما إصلاحيا عقب ذلك اليوم غير المشهد السياسي، ففي 22 سبتمبر 2021، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية للاضطلاع بالسلطات التشريعية والتنفيذية، وأنه أصدر قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول دستور 2014 في باب السلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد التعديلات اللازمة.
وفي 29 سبتمبر من العام ذاته عين الرئيس قيس سعيد، نجلاء بودن رئيسة للحكومة، كأول أول امرأة تسمى لتولي رئاسة الحكومة في تونس، وفي 13 ديسمبر أعلن الرئيس في خطاب إلى الشعب التونسي عن تنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022، على أن يبقى مجلس نواب الشعب معلق الأشغال إلى حين إجراء تلك الانتخابات، وعن تنظيم استشارة شعبية بداية من أول يناير 2022 عبر منصات إلكترونية، تضاف إليها استشارات مباشرة وتنتهي أعمالها مع حلول ذكرى عيد الاستقلال، يوم 20 مارس 2022.
سعيد قرر إن مشاريع إصلاحات دستورية وغيرها ستعرض على الاستفتاء الشعبي يوم 25 يوليو 2022، على أن تنتهي لجنة من مهمة التأليف بين مختلف مقترحات الاستشارات المباشرة والإجابات عبر المنصات الإلكترونية قبل شهر يونيو 2022.
في 30 مارس 2022 ، أعلن سعيد خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي حل مجلس نواب الشعب بناء على الفصل 72 من الدستور، عقب وصفه لعقد جلسة عامة افتراضية للبرلمان بـ"محاولة انقلابية فاشلة وتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي"، ويعلن عن مبادرة وزيرة العدل بفتح دعوى قضائية ، وملاحقة المتورطين جزائيا.
في 22 أبريل 2022، قرر تنقيح بعض احكام القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وفي أول مايو 2022، أعلن سعيد أنه سيتم تشكيل لجنة عليا بهدف الإعداد لتأسيس جمهورية جديدة، وبعد 8 أيام فقط صدر أمر رئاسي يتعلّق بتسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات برئاسة فاروق بوعسكر.
وفي 20 مايو 2022 صدور المرسوم المتعلق بإحداث "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" والأمر الرئاسي، المتعلق بتسمية الصادق بلعيد رئيسا منسقا لهذه الهيئة، التي تتولى وبطلب من رئيس الجمهورية تقديم اقتراح يتعلق بإعداد مشروع دستور لجمهورية جديدة والقيام بدراسات وتقديم مقترحات في المجالين السياسي والقانوني، إلى جانب المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
في 20 يونيو 2022، تسلم رئيس الجمهورية التونسية من العميد الصادق بلعيد مشروع الدستور الذي تم إعداده في إطار الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، وفي 30 يونيو 2022 ، صدر الأمر الرئاسي بنشر مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية موضوع استفتاء يوم 25 يوليو 2022.
كانت النقطة الفاصلة الأخرى يوم 25 يوليو من العام 2022، حيث تم التصويت على "مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية" المطروح على الاستفتاء الشعبي من طرف مليونين و458 ألفا و985 ناخبا، أي بنسبة قاربت 27.5 بالمائة من المسجلين في السجل الانتخابي.
وفي إطار استكمال مؤسسات الدولة صدر في 15 سبتمبر 2022، الأمر الرئاسي بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، والمرسوم المتعلّق بتنقيح القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه.
وفي 17 ديسمبر 2022، نظمت تونس الانتخابات التشريعية التي أسفرت عن برلمان خال من ممثلين لجماعة الإخوان الإرهابية.
واعتبارا من فبراير نفذت السلطات التونسية حملات ضد المتآمرين على الدولة فيما وشنت حملة ملاحقات، وفي مارس الماضي، فتح مجلس نواب الشعب أبوابه مجددا لاستقبال نوابه المنتخبين حديثا في أول جلسة، لمجلس اختاره الشعب ليدير شؤونه.