لم يغب أيقونة الإنتفاضة الفلسطينية الثانية الطفل محمد الدرة عن جنازة المجرم الإسرائيلي شيمون بيريز التي شيعت اليوم في القدس المحتلة.
فقد حل الطفل الفلسطيني محمد الدرة بذكرى استشهاده بنيران قوات الإحتلال الإسرائيلية اليوم، لتتزامن مع موعد تشييع جثمان الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، والذي طالما أكد تأييده لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون الذي وقع حادث إغتيال الدرة في عهده، وتحديدًا في الثلاثين من سبتمبر عام 2003 خلال اليوم الثاني للإنتفاضة الفلسطينية الثانية.
ففي هذا التاريخ الذي سيظل يطارد عصابات الجيش الصهيوني وقادته، وقبل ستة عشر عامًا مضت، في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، كانت جريمة من أبشع الجرائم التي أرتكبت في حق أطفال فلسطين، والطفولة بشكل عام، عندما أطلق أحد الجنود الإسرائيليين فوهة بندقيته في وجه طفل أعزل يحتمي بوالده "جمال" خلف صخرة، خوفاً من غدر الرصاص الإسرائيلي، أثناء إحتدام الإشتباكات الضارية بين جنود جيش الإحتلال الإسرائيلي ومتظاهرين فلسطينيين، بيد أن توسلات الدرة ووالده، لم تجدي نفعًا في جنود طبع الله على قلوبهم القسوة.
حادث استهداف الطفل الفسلطيني الصغير محمد الدرة، والذي كان يبلغ من العمر وقتها اثني عشر عامًا، بأحدث أسلحة جيش الإحتلال، ما كانت تصل ملامحها المأساوية إلى مسامع وأعين العالم ما لم يتمكن مصور الوكالة الفرنسية من إلتقاط صورته في غفلة من الزمن.
لعل مصادفات الأقدار والتاريخ التي أبت إلا وأن تجمع إلى الأبد تاريخي استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، والذي عرف فيما بعد بأيقونة الإنتفاضة الفلسطينية الثانية، وتشييع جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، والمسؤول الأول عن كثير من المجازر الإسرائيلية، لعل أبزرها مجزرة "قانا" جنوبي لبنان عام 1996، والتي راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال اللبنانيين وقتها، ليزاحم ويطارد الطفل الفلسطيني الصغير رجل المجازر والجرائم بيريز حتى في جنازته، وكأن لسان حاله يقول له "سيكون تاريخ استشهادي ماحيًا لذكرى تشييعك على مر التاريخ".