كشفت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، اليوم السبت، أن علماء آثار إسرائيليين شككوا بصحة وثيقة البردى القديمة التى تم كشف النقاب عنها يوم الخميس الماضى، وقد كتبت عليها كلمة "القدس"، لأول مرة باللغة العبرية.
كانت وحدة منع سرقة الآثار فى هيئة الآثار الإسرائيلية قد استعادت بهذه الوثيقة قبل 4 سنوات، خلال حملة لمطاردة لصوص الآثار فى صحراء الضفة الغربية، وتم عرض الوثيقة خلال مؤتمر صحفى قال خلاله الباحثون، البروفيسور شموئيل احيتوف من الجامعة العبرية، والدكتور ايتان كلاين، وامير جانون من هيئة الآثار، بأن هذه الوثيقة تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، وحسب تقديرهم فإنها شهادة تصدير لنوع من النبيذ تم إرساله من قبل الملك، من بلدة اسمها "نعراتا"، فى غور الأردن، شمال اريحا، وهذه هى المرة الأولى التى ظهر فيها اسم القدس على شهادة "أصلية" بالعبرية.
وحسب هؤلاء الباحثين فأن هذه الوثيقة هى شهادة تصدير مؤقتة تم إرفاقها بالنبيذ، لكن الشهادة والبضاعة لم تصل إلى هدفها، وإنما تم سرقتها فى الطريق، وتدحرجت الشهادة إلى مغارة فى الضفة.
وحسب كلاين فأنه "لو وصلت الشهادة إلى القدس لما بقيت متماسكة بسبب المناخ الرطب فى المدينة، ولذلك يمكن التكهن بأن البردى بقيت فى منطقة صحراء الضفة.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن مصدر البردى ليس مؤكدا، وتم العثور عليها كما يبدو من قبل لصوص للآثار داخل مغارة فى منطقة وادى الحيات.
وفى العادة يحذر علماء الآثار من نشر مقتنيات أثرية لم يتم العثور عليها خلال أعمال تنقيب منظمة، لكن الباحثين اقتنعوا هذه المرة بأن المقصود وثيقة صحيحة، بناء على فحصين، وهو تأريخ الوثيقة بطريقة الكربون المشع (كربون 14) والذى أظهر بأن تاريخ الوثيقة يعود إلى ما قبل 2800-2500 سنة، وفحص النقوش (الخط) الذى أظهر بأن الحروف تبدو حقيقية وملائمة للخط العبرى القديم فى القرن السابع قبل الميلاد.
واستغل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو عرض هذه الوثيقة للتعقيب على قرار اليونسكو ضد إسرائيل، وقال: "تم اليوم تفنيد هذا التشويه بواسطة شهادة أخرى نشرتها سلطة الآثار لدينا، هذه شهادة تصدير كتبت باللغة العبرية القديمة، وهذه هى الكلمة الحاسمة، يمكنكم رؤية ذلك بالعبرية. مكتوب "يروشلما".. هذه رسالة من الماضى إلى اليونسكو. هذا يشرح ارتباطنا بالقدس ومركزية القدس.. ليس بالعربية، ليس بالآرامية ولا باليونانية ولا اللاتينية، بل بالعبرية".
لكن البروفيسور أهران مائير من جامعة بار ايلان، شكك خلال مؤتمر "تجديدات فى آثار القدس" الذى عقد الخميس، بصحة هذه الشهادة، وهاجم سلطة الآثار لقرارها نشر الوثيقة رغم أنه كان من المعروف مسبقا بأنها محل خلاف".
وشكك البروفيسور مائير بظروف عثور رجال سلطة الآثار على ورقة البردى، وقال: "أنا أصدقكم، لكن لن يصدقكم الجميع، كيف نعرف بأن هذه ليست تزويرا هدفه التسويق فى سوق الآثار، وكيف سنعرف بأنها ليست تزويرا بدقة عالية تم "التضحية" بها، وكانت معدة "لتمهيد الطريق" لمزيد من أوراق البردى "التى ستظهر" فى المستقبل فى سوق الآثار؟".
وأضاف بظروف: "حسب رأيى فإن التأريخ للوثيقة حسب الكربون المشع – 14، هو أمر جميل، لكنه لا يكفى بتاتا. فنحن نعرف عن سوابق تم فيها تزييف كتابات على "وسائط" قديمة. ربما تكون ورقة البردى قديمة. لكن حسب رأيى، تبرز هنا الحاجة إلى إجراء فحص آخر، خاصة إذا كانت سلطة حكومية تنشر ذلك وتمنحه "الشرعية". لماذا ننتظر النقاشات ومن ثم نجرى فحوص أخرى. كان من المناسب إجراء الفحص مسبقا".
وحسب أقواله، فان "هذه الشهادة ستبقى فى محل شك، ويجب الحذر من استخلاص النتائج منها بشأن التفسير التاريخى والتحفظ من احتفال وسائل الإعلام، وسلطة الآثار وخاصة السياسيين".
كما شكك عالم الآثار البروفيسور كريستوفر رولستون، من جامعة جورج واشنطن، بهذه الوثيقة، وكتب على مدونته أنه يعتقد بأن هذه الوثيقة مزورة.
وأضاف رولستون "حقيقة إجراء فحص بالكربون المشع للوثيقة لا تقول شيئا يثبت أن النص المكتوب عليها قديم". وقال إنه من السهل شراء أوراق بردى قديمة على الشبكة، ومن الشائع قيام المزورين بعمل ذلك. النقاد يشيرون إلى اكتشاف عدة مخطوطات قديمة، فى السنوات الأخيرة، لدى جامعى الآثار، والتى تبين بأنه تم تزويرها من قبل فنان.
فيما قال أمير جورن، من سلطة الآثار: "لقد عملنا بكل الطرق الممكنة لفحص البردى، استخدمنا الطرق التى استخدمت لفحص مخطوطات البحر الميت. قدمنا كل ما نعرف. إذا كانت لدى أى طرف آخر أى طريقة أخرى فأنه مدعو لعمل ذلك. نحن كدولة نرى لزاما علينا وضع اليد على هذا الشىء وأنا متأكد من صحته".