قال الدكتور عبد الله حمد محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم " ألكسو" أنه لا يمكن للثقافة بكل روافدها أن تتطور في وقتنا هذا بمعزل عن التغيرات الرقمية والشبكات الاجتماعية التي تبث يوميا سيلا عارما من المضامين بغثها وسمينها، مضيفا أن أمامنا نحن العرب أشواطا طويلة علينا قطعها حيث لاتزال الأمية الأبجدية مرتفعة في بلداننا العربية، وما زالت معدلات الانقطاع عن التعليم مثيرة للقلق وما زالت المناهج الدراسية تعاني الغربة عن العصر وتجتر أساليب تربوية تجاوزها الزمن.
جاء ذلك فى افتتاح أعمال الدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، و الوزراء ورؤساء الوفود ومثلي المنظمات الدولية والعربية و السفراء. والذى عقد على مدار يومين فى الفترة من 14 و15 ديسمبر الجارى بتونس وسبقته اجتماعات اللجنة الدائمة للثقافة العربية.
من جهته أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الثقافة بمعناها الشامل ومفهومها الواسع هي الحضارة ذاتها، وأن المأزق العربي الراهن يرتبط بالثقافة قبل أي شيء آخر، ولذلك علينا أن نسائل أنفسنا عن الحالة الراهنة لثقافتنا العربية، وما الذي تحتاجه هذه الثقافة لكي تعيد تغيير المجتمعات العربية وتنقلها من حال العجز واللامبالاة إلى فضاء النجاح والثقة والإنجاز لمواطنيها. واعتبر معاليه أن تأسيس ثقافة عربية سليمة ومبدعة يقتضي أن يمد المثقفون جسورا للتواصل مع عصرهم ومع ماضيهم ومع السلطة والحكم، وخاصة مع مجتمعاتهم.
فيما أشار الدكتور عادل بن زيد الطريفي وزير الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية ورئيس الدورة التاسعة عشرة للمؤتمر إلى أن الثقافة هي التي تحدد الأطر والطرق نحو بلوغ الغايات في مجتمعاتنا، وهي روح تربط مجتمعاتنا إن أحسنّا القيام بأدوار فاعلة في هذا الاتجاه من أجل أجيال اليوم والمستقبل.
وقال الدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية بالجمهورية التونسية إنه أصبح جليا أن الرهانات القادمة المطروحة على الوطن العربي أساسها رهانات الثقافة جوهرا وشكلا، وأن الإعلام الثقافي العربي مدعو اليوم إلى صناعة مضامين جديدة تفصح عنا كما نحن أو كما نريد أن نكون، مساهمين في تقدم الإنسانية جمعاء ، كما هو مطالب بالمساهمة في تبليغ الثقافة وإيصالها للغير وتواصلها عبر الأجيال والبحث في سبل تطويرها والتجديد في صيغها لكي نصل الماضي بضرورات الحاضر مساهمة منا في الموروث الحضاري الإنساني الراهن فعلا ومقاربة والتزاما.
وكان الدكتور يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية قد افتتح المؤتمر مؤكدا على أن الرهان اليوم يتمثل في كيفية تعميم الثقافة وكيفية تحويلها من أفكار مقتصرة على النخبة إلى وعي جماعي، وأن الإعلام الثقافي العربي له أدوار منها دوره في التقارب بين شعوبنا عبر نقاط تشاركها وهي اللغة والحضارة، وتحويل هذ التقارب إلى إنتاج فخر جماعي بالهوية بعيدا عن الأفكار السلبية، وتحويل الانطواء إلى تفتح وتسامح وقبول للآخر.
وكان المؤتمر الذى اختتم أعماله أمس بمنتجع قمرت ناقش مجموعة من القضايا الثقافية ذات الاهتمام المشترك، تتعلّق بالأوضاع الثقافية والإرهاب والإعلام الثقافي في الوطن العربي.
وتُوّجت أعمال المؤتمر بإصدار " إعلان تونس ضدّ الإرهاب ومن أجل التّسامح والتّضامن بين الشعوب والثّقافات والأديان"، الذي جاء بمبادرة من سيادة رئيس الجمهورية التونسية. كما صدر عن المؤتمر بيانان حول:" الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي"، و" الأوضاع الثقافية العربية"، إلى جانب عدد من القرارات والتوصيات تتعلّق باختيار الفنانة العربية فيروز رمزا للثقافة العربية وبالعقد العربي للحقّ الثقافي والعواصم الثقافية العربية وقضايا الآثار والتراث الثقافي في الوطن العربي