مع تصاعد حدة الصراع في الموصل ووقوع أعداد متزايدة من المدنيين في مرمى نيران القصف المتبادَل، كثّفت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها خدمات رعاية الإصابات الخطرة، ما يزيد من فرص النجاة بين هؤلاء المصابين الذين يحتاجون هذا النوع من الرعاية. غير أن الأمر يتطلب تمويلاً إضافياً لتوفير حزمة كاملة من خدمات الرعاية الصحية للمتضررين البالغ عددهم 2.7 مليون شخص.
ويستمر ارتفاع معدلات الخسائر البشرية الناجمة عن الإصابات الخطيرة في المناطق القريبة من الخطوط الأمامية، مع الحاجة لإحالة الكثير من حالات الإصابة من مدينة الموصل إلى مدينة أربيل شمالي العراق. ومنذ 17 أكتوبر 2016 وحتى 18 يناير 2017، تم تحويل 1 610 من المصابين المدنيين إلى المستشفيَيْن الرئيسيَيْن في أربيل لتلقي العلاج. إلا أن العديد من المستشفيات في الموصل قد تعرّضت لأضرار بالغة ولم تَعُد قادرة على توفير الخدمات الصحية لعموم السكان والمدنيين المصابين. ومن دون توافر هذه الخدمات، يعاني المرضى من مضاعفات خطيرة، قد تفضي في بعض الحالات إلى الموت.
وتزداد فرص بقاء المرضى على قيد الحياة زيادةً كبيرةً إذا ما تلقّوا رعايةً طبيةً في غضون ساعةٍ واحدةٍ من وقوع الإصابة - فيما يعرف "بالساعة الذهبية". ولرَدْم هذه الهوّة، أقامت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها مستشفى ميدانياً بسعة 50 سريراً وغرفتَيْ عمليات في برطلة شرق الموصل، لمعالجة المصابين بإصابات حرجة ناجمة عن طلقات نارية أو انفجار ألغام أو قذائف وغيرها من شتَّى أنواع الإصابات.
ويتألف فريق العمل بالمستشفى من طواقم طبية من كافة التخصصات من جرّاحين وعمالة طبية مساعدة وممرضين لرعاية الإصابات الخطيرة. وسيتم قريباً إنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية إضافية بسعة 40-50 سريراً لتعزيز فرص الحصول على خدمات رعاية الإصابات الخطيرة في غرب الموصل وجنوبها. وسيتم تسليم كل مستشفى لوزارة الصحة في غضون ستة أشهر للارتقاء بالقدرات الوطنية لرعاية الإصابات الخطيرة في العراق.
ومن شأن إنشاء هذه المستشفيات أن يردم هوة كبيرة إذ إن المصابين حالياً يتم نقلهم لمستشفيات الإحالة في أربيل شمال العراق على بعد ما بين ساعة وبين ساعتين بالسيارة. ولضمان زيادة فرص بقاء المصابين على قيد الحياة أثناء هذه الرحلة، هناك 4 نقاط لعلاج المصابين تعمل على الطريق، وثَمَّة تخطيط لإنشاء نقاط إضافية عَبْر الطرق التي ترتادها سيارات نقل المصابين. وفي إطار الاستجابة الصحية، تتمركز في ضواحي الموصل 36 سيارة إسعاف و30 عيادة طبية متنقلة تتلقّى دعم المنظمة لتوفير خدمات الرعاية الصحية للسكان الأكثر تأثراً. إضافة لذلك، فقد قدَّمت منظمة الصحة العالمية للسلطات الصحية الوطنية وللشركاء العاملين في المرافق الصحية والمخيّمات مجموعات من لوازم معالجة الإصابات الخطيرة وإجراء العمليات الجراحية تكفي 3 100 مريض ممن يحتاجون هذه الرعاية. وسيتم إرسال 30 مجموعة إضافية تكفي 3000 مستفيد في الأسابيع المقبلة.
وفي هذا الصدد، أكَّد الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أن "منظمة الصحة العالمية تظل على التزامها بدعم الاستجابة المستمرة التي تقدِّمها وزارة الصحة وسائر الشركاء في مجال الصحة. إلا أن الحاجة مُلحّة لمزيد من التمويل لتوفير حزمة كاملة من الخدمات الصحية للمتضررين من العمليات العسكرية في الموصل والبالغ عددهم 2.7 مليون شخص.
والجدير بالذكر أنه لتوفير دعم كامل للاحتياجات الصحية الناجمة عن العمليات العسكرية في الموصل تحتاج منظمة الصحة العالمية 65 مليون دولار أمريكي، لم تتلق منها إلا 14 مليون دولاراً أي 21% من المبالغ المطلوبة.