أكد الدكتور عمر الأسود عضو المجلس الرئاسي الليبي ان الاتفاق السياسي الذى تم التوافق عليه فى الصخيرات كان لديه ملاحظات مهمة عنه منذ الإطلاع عليه لأول مره فى الأسبوع الأخير من شهر (12/2015) حيث كان الاتفاق متهتكا وضعيف البناء القانونى . نصوصه متعارضة وبعضها غير واضح ، بحيث ليس هناك من نص يفيد بإن رئيس المجلس الرئاسي هو رئيس مجلس الوزراء ، كما أن اختصاصات نواب رئيس المجلس غير واضحة حتى تخال بأن المجلس الرئاسي ينتهى عند تشكيل ، وقد أنعكس ذلك وظهر بشكل واضح أتناء مناقشات المجلس عند تشكيل الحكومتين الأولى و الثانية و أستغرق معظم الوقت حيث كان نواب المجلس الرئاسي يطالبون رئيس المجلس باستمرار بتحديد اختصاصاتهم .
ورغم أنه توقعنا مبكرا ذلك وطلبت اجتماعا مع البعثه الأممية و أوضحت لها ذلك وكذلك سفراء الإتحاد الأوروبي وتكرر الطلب فى اجتماعات مماثله , إلا أن البعثه الأممية لم تفعل شيئاَ وانعكس ذلك على وضع و أداء المجلس الرئاسي . إن الوضع بحاجة اليوم الى تبنى قواعد خاصة لاختيار الأشخاص المرشحين لمناصب عليا فى الدولة الليبية وخاصة الوزراء وفصل المجلس الرئاسي عن الحكومة وتوحيد الجيش الوطني الليبي .
فإلى نص الحوار التالي :
• فى ظل التحركات الحالية .. هل تتوقع حل قريب للأزمة الليبية ؟
• الحل لا يزال بعيدا فى الأزمة الليبية لانعدام الثقة بين الأطراف اللذين لديهم خططهم و أجنداتهم المختلفة ، وبعض الأطراف تدار من جهات خارجية .
ولاشك أن المشهد الليبي بطبيعة الحال صعب ومعقد بدليل أنه مضى على هدا التحول من (2011إلى 2017) 6 سنوات ، ولم يتغير الحال بل ذهب من سيئ إلى أسوأ .
• هذا يعنى أن الحل مستحيل برأيك ؟
• ليس مستحيلا بل ممكننا لو تم التعامل مع الأمور بشكل أفضل وعقلية قادرة على أن تتعاطى مع هذا الشأن ، ولكن هذا لم يحدث وفاقد الشيئ لا يعطيه ، فقد توالت حكومات من 2011 وحتى اليوم ولم تفعل شيئا وشاهدنا عبثا كبيرا . رأينا طبيبا فى وظيفة وزير داخلية و المعروف أن ليبيا بلد مضطرب ، و الوزير هو الذي يرسم سياسة وزارته ، و أستمر الأمر كذلك فى بعض الوزارات الأخرى حتى يومنا هذا ، بل شاهدنا فى الحكومة الثانية على الهواء مباشرة تحت قبة البرلمان عدم وجود سير ذاتية للمرشحين من الوزراء . الأمر كذلك بالنسبة للمجلس الرئاسي نفسه ، وهذا دفع بالحال لهذا الوضع الذى نحن عليه . شعب يعانى الأمرين ، وبلد يغرق فى الضياع ، ومعاناة كبيرة للمواطنين ، من أزمة خانقة فى الكهرباء ترتب عليها وفاة عدد من المواطنين فى الجنوب و الشرق الليبي، الى انقطاع فى السيولة النقدية , وتزايد فى وتيرة العنف الداخلى ، و القتل و الاختطاف وطلب الفدية وقفل الطرقات . ساحة مليئة بالإهوال , ومتطرفون ومرتزقة من كل مكان ، و إنتشار السلاح بشكل كبير , وتزايد عدد التشكيلات المسلحة . وهذا كله لا يصب فى خانة المصلحة الوطنية .
• فى اعتقادك من المسؤول عن تردى الأوضاع فى ليبيا بهذا الشكل؟
• هدا التردي في الأوضاع تسبب فيه الإدارات الفاشلة والجاهلة . سبب هذا التردى قرارات اتخدها مسؤولون دون تفكير فلم يتغير الحال منذ 2011 حتى اليوم بل ذهب للأسوأ , نفس السياسات ونفس العقلية . فى فترة سابقة تم منح 900 مليون دينار نقدا للتشكيلات المسلحة مما زاد من الأزمة وعمقها بزعم إنشاء قوة , وفى المدة الماضية أعطيت مبالغ مالية إلى جهاز حرس المنشآت النفطية ذهبت فورا للسوق السوداء ليتم تحويلها للخارج فارتفع سعر الدولار من 2.8 دينار إلى 4 دينار فى عمل غير مدروس (40 مليون دينار تم ضخهم للسوق مرة واحدة ) . وواصل الدولار ارتفاعه حتى وصل إلى مايقرب 7 دينار فى غياب سياسات نقدية واضحة ومعالجات مالية عميقة . حرس رئاسي يختص بالمنافذ و الحدود ؟ بدلا من مقار عمل المجلس و أماكن سكناهم , جسم رديف للجيش يزيد الأمور تعقيدا
• ما الذى دفعك لتعليق عضويتك فى المجلس الرئاسى ثم العودة مره أخرى ؟
• هده قصة لها مقدمات لا بد من ذكرها . برغم ما شاب الاتفاق من مثالب فى صياغته ونصوصه أشرت إليها فى بداية الحديث رغم وجود أعضاء بخلفية قانونية فى لجنة الحوار ، ورغم أنه لم يتم تعديل الاتفاق بما يضمن استمراره رغم الطلبات المتكررة إلا أننى ذهبت بحسن نية للمشاركة فى تشكيل الحكومة الأولى فى تونس ، وواجهتنا بعض الصعوبات فى الاتفاق على عدد الوزارات و الوزراء، لكن وصلنا إلى أتفاق بالإجماع بعد جهد كبير إلى 10 وزارات، و اتفقنا على أن نذهب إلى تسمية الوزارات فى اليوم الثاني ، وطرحت على الجميع فى الاجتماع نقاط أساسية لمعايير اختيارهم تتمثل فى أن يكون لدى المرشح لشغل المنصب الوزاري الخبرة الكافية فى مجال تخصصه و القدرة على العمل ونظافة اليد ، وأن المناطق التى تم تمثيلها فى المجلس الرئاسي لا تمثل فى الحكومة حتى نشعر الشعب الليبي بمشاركتهم جميعا فى العملية السياسية . فى نفس الليلة تم تغيير الحكومة من 10 إلى 24 وزيرا فى اجتماعات تمت فى الغرف المغلقة فى جوف الليل ولم نعلم بها حتى فجر اليوم التالى , وبناء على ذلك علقت عضويتي بعد مقابلة مع رئيس المجلس الرئاسى دون نتيجة ، ولم يتوقف المشهد عند هدا الحد بل تطور الى أن أصبح فى الليلة الثانية 32 وزيرا ، فقد قسمت وزارة الخارجية إلى 3 وزارات ، و المواصلات إلى وزارتين واحده للسيارات و الأخرى للطائرات ، كل ذلك لترضية الأصوات التى أقنعت المجلس الرئاسى بأنها ستمرر الحكومة من البرلمان .
أصدرت بيانا متلفزا فى 19 يناير 2016 للشعب الليبي قبل التصويت على الحكومة أوضحت فيه كل ماحدث تفصيلا ، وبعد 4 أيام صوت البرلمان بإسقاط الحكومة فى عمل وطنى وتاريخي ب89 صوت مقابل 4 ممتنعين , أى بأغلبية ساحقة وماحقة .
وقد طلب البرلمان منى ومن زميلي فى المجلس الرئاسى علي القطراني العودة للمشاركة فى تشكيل الحكومة الثانية فعدنا .
وفى الصخيرات المغربية تكرر نفس المشهد فقد أمضى نواب المجلس الرئاسي 13 يوما فى جدل حول اختصاصاتهم ، رغم أنه اتفقنا منذ اليوم الأول على أن تكون الحكومة من 12 وزيرا ، وكان من المفترض أن نذهب مباشرة إلى اختيار الوزراء بالمعايير المتعارف عليها و تخلل ذلك اجتماع مع لجنة الحوار و البعثة الدولية لتدليل بعض الصعوبات .
خرجت علينا الحكومة ب18 وزيرا بدلا من 12 المتفق عليهم ، فقد أنشئت 6 وزارات دولة ولكن بتسمية لشؤونها ، بما يعنى أن لها كادر إداري ومبنى وميزانية وصوت فى الاجتماع ، خلافا لما اتفقنا عليه مما يعتبر تحايلا , بالإضافة الى أن بعض الوزراء لم يكن لهم سير ذاتية , منهم من أمواله تحت الحراسة بالقانون رقم 36/2012 الصادر عن المجلس الإنتقالى ، وهناك من لديه ملف مفتوح لدى مكتب النائب العام ولذلك امتنعت عن التوقيع على هده الحكومة .
أبلغنا رئيس المجلس الرئاسي برسالة نصية أن نتوجه لمجلس النواب فى طبرق ، وهنالك حدث جدل كبير لأن السير الذاتية للوزراء لم تكن موجودة , و أمام طلب بعض النواب منى شخصيا الإفادة بما حدث , طلبت منى رئاسة المجلس ذلك و ألقيت كلمة ولم تعطى الثقة للحكومة حتى 22 /8/2016 حين اجتمع مجلس النواب بطبرق و أسقط الحكومة , وطلب البرلمان من العضوين المقاطعين العودة و المشاركة فى تشكيل الحكومة الثالثة . أصدرت فى 25/8/2016 بيان متلفز أعربت فيه عن الترحيب بقرار مجلس النواب و بإمتثالى للقرار بالعودة و أنني سأكون فى طرابلس _أم المدائن_ فى أقرب الآجال ، وبعد 5 أيام ذهبت بلا حراسة على متن رحلة تجارية الى طرابلس ، وحضرت اجتماعا للمجلس الرئاسي وطلبت من الزملاء الأعضاء أن يتم التوافق على مدينة داخل ليبيا لالتئام جلسات المجلس الرئاسي فلم يستجيب أحد .
• هل تعتقد أن تعديل المجلس الرئاسي سينهى الأزمة الليبية ؟
• لابد أن نعترف أننا فى حالة انقسام ، و الخلاف بيننا كزملاء خلاف حول منهجية عمل ولابد من إيجاد صيغة توافقية تعالج جميع المختنقات السابقة لمنع تواصل هذا الجمود الذى ينعكس سلبا على المشهد الليبي ، و أي تعديل لا يأخد هذه الاعتبارات سيكون عديم الفائدة و استمرارا للفشل .
• هل تعتقد أن لقاء السراج وحفتر سينجح فى حل الأزمة بينهما ؟
• لو توافرت النية الحسنة و الإرادة اللازمة لنجاحه سينجح .
• هل تعتقد أن إدارة ترامب سيكون لها تدخل أكبر فى الأزمة الليبية ؟
• أنا أدعو إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لأن تراجع سياستها بشأن ليبيا ، و ألا تدعم طرف على حساب طرف أخر دون تقدير وتقييم سليمين ، فليبيا عضو فى المجتمع الدولى ولديها إمكانيات هائلة وموقع متميز ، وليس من مصلحة أحد أن تدمر دولة بهده الإمكانيات .
• وماذا عن الموقف الروسى من الأزمة الليبية ؟
• الموقف الروسى حتى الآن رسائل فقط وليس دورا .
• وماذا عن التحركات المصرية حاليا ومحاولات تقريب وجهات النظر بين الفرقاء ؟
• هذا الأمر ليس مستغربا فليبيا عمقا إستراتيجيا لمصر و العكس صحيح ، ناهيك عن الروابط بين الشعبين الشقيقين , ونأمل أن تكون التحركات المصرية مبنية على فهم دقيق للواقع الليبي وتقدير سليم للموقف وفهم لإرادات وتوجهات كل الأطراف ، حتى يمكن الوصول إلى حلول تنهي معاناة الشعب الليبي وتدفع المنطقة إلى الوئام و الاستقرار .