انسحب مقاتلو تنظيم داعش من هذه القرية المهجورة الواقعة على نهر دجلة التى يقول قادة عراقيون إنها موقع متقدم مهم فى الدفاع عن معقلهم فى مدينة الموصل القريبة غير أن مظاهر وجودهم كثيرة.
وفى حين تتردد أصداء المعركة عن بعد تنتشر جثث القتلى من مقاتلى التنظيم على امتداد طريق من بيت كانوا يستخدمونه كمركز قيادة حتى ضفة النهر وتتصاعد منها روائح تزكم الأنوف.
ولا يزال مصنع ضخم للأسمنت على مقربة يحتوى على عشرات الصواريخ والسيارات المفخخة التى قتلت إحداها بعض أفراد وحدة المهندسين العسكريين لدى دخولهم المنشأة يوم الأحد.
وتختلف طبيعة القتال هنا عن معارك الشوارع العنيفة التى تدور رحاها فى مدينة الموصل فى اتجاه الجنوب الشرقى والتى تعد آخر المعاقل الكبرى للتنظيم فى العراق. وقد استعادت القوات العراقية فى هجومها المدعوم من الولايات المتحدة لتحرير الموصل معظم المدينة.
لكن ما إن تنتهى العمليات فى الموصل ستحتاج القوات العراقية لاستعادة مراكز ريفية مثل بادوش وتطهيرها وهى تتحرك غربا فى اتجاه الحدود السورية والهدف التالى وهو مدينة تلعفر الخاضعة لسيطرة التنظيم.
ويقول ضباط عراقيون فى بادوش إن تلك المعركة ستكون أسهل غير أن مقاتلى التنظيم فى كثير من القرى التى يسيطرون عليها فى اتجاه تلعفر ظلوا يناوشون القوات لأسابيع بعد سيطرتها على المنطقة وجعلوا وجودهم محسوسا.
وقال المقدم على جاسم من الفرقة المدرعة التاسعة وهو يجلس خارج بادوش بينما كانت وحدات المدفعية تطلق قذائفها على أهداف بعيدة "بادوش كانت قاعدة مهمة لداعش" مستخدما اسما شائعا للتنظيم.
وأضاف أن بادوش "هى نقطة البداية لطريق الإمداد من غرب الموصل إلى تلعفر وباتجاه سوريا" حيث سيضطر التنظيم قريبا للدفاع عن معقله فى مدينة الرقة.
وتتضح الأهمية الاستراتيجية لمواقع مثل بادوش مما تركه مقاتلو التنظيم وراءهم وهم ينسحبون إذ تشغل حجرة المعيشة بكاملها فى البيت المجاور للنهر خريطة حربية كبيرة ثلاثية الأبعاد للمنطقة صنعت من التراب والعصى والخيوط.
وفى الحديقة الصغيرة الملحقة بالبيت تؤدى فتحة عمودية عميقة إلى نفق تحت الأرض قال مسؤول عسكرى إنه يمتد قرابة 1.6 كيلومتر وكان يستخدم فى نقل الإمدادات أو المقاتلين حتى لا ينكشف أمرهم.
وفى وقت سابق من الشهر الجارى سيطر الجيش العراقى ووحدات الحشد الشعبى الشيعية على بادوش ليقطعوا بذلك خطوط الإمداد ويحاصروا المتشددين داخل المدينة.
وقال العقيد عدنان جبار إن التقدم باتجاه تلعفر سيكون أيسر الآن مضيفا أنها "أرض مفتوحة لا توجد فيها مبان عالية ولا مدنيين لاستخدامهم كغطاء" فى القرى التى هرب منها السكان مع ضعف قبضة التنظيم عليها.