اعتبر ولى العهد الأردنى، الأمير الحسين بن عبد الله الثانى، أن العالم يقف على مفترق طرق مفصلى، وعلى أعتاب ثورة صناعية رابعة تعيد تعريف طريقة تفاعل البشر مع بعضهم البعض.
وقال الأمير الحسين - فى كلمة الأردن، فى اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مندوبا عن العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى، وفقا لبيان صادر اليوم عن الديوان الملكى الهاشمى - إن الأردن واجه عبر التاريخ الصدمات الخارجية الواحدة تلو الأخرى، إلا أن العقدين الأخيرين كانا فى غاية الصعوبة، حيث تحيط الصراعات به من عدة جهات، لاسيما الحروب فى غزة والعراق وسوريا وليبيا واليمن، فضلا عن تحمله تبعات الأزمة المالية العالمية وأزمات الطاقة.
وأضاف أن "كل هذه الأحداث تركت أثراً عميقاً وملموساً، إذ أوصِدت الطريق إلى العراق، الذى يشكل أكبر سوق لصادراتنا، وتوقفت التجارة مع سوريا، مما أفقدنا أهم منافذنا التجارية إلى تركيا وأوروبا، كما تضرر قطاعا السياحة والاستثمار بسبب انعدام الاستقرار فى المنطقة على الرغم من الجهود الحثيثة التى بذلناها لنحول دون ذلك".
وأشار إلى أن الأردن، الفقير بالموارد، يعد أحد أكثر دول العالم استضافة للاجئين، حيث يستضيف 1.3 مليون لاجئ سورى، بالإضافة إلى ملايين اللاجئين الفلسطينيين ومئات الآلاف من العراقيين، وآخرين من ليبيا واليمن.
وأكد الأمير الحسين بن عبد الله الثانى، أن التكلفة المباشرة للأزمة السورية تستنزف أكثر من ربع موازنة الأردن، ويمتد أثرها إلى مجتمعاته المحلية، حيث يعيش 90% من اللاجئين السوريين، مما يفرض ضغوطات متزايدة على قطاعات الإسكان، والغذاء، والطاقة، والرعاية الصحية، والتعليم، والعمل بالمملكة.
وشدد على أن الأردن لم يتردد فى جهوده الإصلاحية على الرغم من الأثر الصعب لبعضها على شعبه، مضيفًا "كلما ازداد الحمل ثقلاً، ازددنا إصرارا على التقدم بثبات أكبر"، لافتا إلى أن هذه الظروف الصعبة لم تمنع الأردن من أن يستمر فى المساهمة الإيجابية لتحقيق الخير للعالم أجمع.
ولفت ولى العهد الأردنى، إلى ضرورة تحسين البيئة الاستثمارية بشكل جذرى وتحسين النزاهة والمسائلة وتطوير نظام التعليم ودعم الرياديين الشباب، من أجل تخفيض نسبة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب ولأجيال المستقبل.
وأكد تمسك الأردن بالتزامه بحل عادل وسلمى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى يستند إلى حل الدولتين، رغم ضعف التفاؤل، كما أنه مستمر بالنهوض بواجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس الشريف، لافتا إلى أن الحفاظ على الوضع التاريخى والقانونى القائم فى المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسى الشريف، أساس تحقيق السلام فى الإقليم وفى العالم، انطلاقاً من مكانة المدينة فى الأديان السماوية.
وقال الأمير الحسين بن عبد الله الثانى، إن عزيمة الأردن لم تنثن فى الحرب الدولية ضد الإرهاب وفى حرصه على نشر القيم الحقيقية للإسلام الحنيف، منوها بأن قوات حفظ السلام الأردنية ساهمت فى حماية المدنيين الأبرياء فى هاييتى، ودارفور، ووصولاً إلى تيمور الشرقية، وأن صوت الأردن يبرز عالياً فى الدعوة إلى الاعتدال والانفتاح على جميع المكونات الاجتماعية وإدماجها.
وأكد ولى العهد الأردنى، أنه قلما تجد بلداً يتحمل على مستوى الفرد هذا الكم الهائل من الصدمات الخارجية أو يساهم فى السلام والأمن العالميين مثل الأردن، مشيرا إلى أن الأردن لطالما قام بفعل الصواب، المرة تلو الأخرى، لكنه تساءل عن رد العالم إزاء ذلك، مؤكدا أن الكلام الطيب لا يدعم الموازنة، ولا يبنى المدارس، ولا يوفر فرص العمل.
وتسائل، كيف لدولة صغيرة مثل الأردن، تكافح فى وجه صعوبات قاهرة كهذه، أن تستمر فى معاناتها، وأن توفر ملجأ للملايين من اليائسين والمحتاجين، لافتا إلى أن الواقع المؤلم هو أن اقتصادات الحرب آخذة بالازدهار لمنفعة القلة، بينما تستمر الاقتصادات الحقيقية فى المعاناة مما يجلب الضرر على الجميع.
وقال إن الضمير العالمى فى "وضعية الصامت"، مؤكدا أنه حان الوقت لكسر حاجز الصمت، والبحث عن إجابات لهذه الأسئلة، لإطلاق جهد دولى يحمل إنسانيتنا المشتركة إلى بر الأمان.