ثمن السفير أحمد بن حلى، نائب الأمين العام للجامعة العربية، حرص رؤساء البرلمانات العربية على حضور المؤتمر الأول لرؤساء البرلمانات العربية، المنعقد اليوم الأربعاء، بمقر الجامعة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى.
وقال بن حلى، إن وجودكم اليوم معنًا فى بيت العرب، وفى هذه الظروف العصيبة لحالة الواقع العربى، وفى هذه المرحلة التى اهتزت فيها الرؤيا نحو المستقبل، وفى هذا المناخ الذى تكتنف الغيوم مسالك طريق السلامة أمامنا، يمثل نوعا من الاطمئنان للقلوب المضطربة والنفوس القلقة، والمتوجسة من الحالة التى آلت إليها الأوضاع العربية، وما يجرى فى وطننا العربى من أحداثٍ مؤلمة، واستعصاء لحل أزماتنا، وما يتخللها من تدخلات وتجاذبات إقليمية وتدخلات خارجية فى شئوننا.
وأضاف بن حلى: "أودُ أن أتوقف عند بعض العناوين التى أطلق عليها المنظمون لهذا المؤتمر بالتحديات، لأتناولها من منظور أنها تحديات جسيمة مشحونة بعوامل الضغط والإلحاح، فلا تحتمل الغوص فى تحليل أسبابها بقدر ما هو مطلوب طرح أساليب لمعالجتها فى هذه الجلسة الخاصة بالتحديات العربية".
وأكد أن أول هذه التحديات: إصلاح ذات البين فى العلاقات العربية البينية، باعتبارها المنطلق الأساسى لما سيأتى بعد ذلك، وتنقية أجواء العلاقات العربية وإزالة الغيوم التى تسود أفقها ما بين بعض الدول العربية، والعمل على استعادة المبادرة والفعل للموقف العربى الواحد، وهو ما يتطلب التحرك الميدانى من قياداتنا، وأنتم جزء من هذه القيادات بحكم مواقعكم، وكما كان يفعل آباؤنا فى السابق عندما توجد أزمة يتحرك العقلاء لحلها، وتكثيف الزيارات الميدانية، واستعمال الدبلوماسية العامة عبر شخصياتٍ عربية مرموقة أو مجموعة حكماء لإجراء الاتصالات واستكشاف الحلول لمعالجة أزمات عربية معينة ما بين هذه الدولة أو تلك.
وكذلك التشاور حول المسائل التى نريد كعرب وكدول وكمجموعة طرحها جماعياً، بعيداً عن إرباك الموقف العربى بطرح مبادرات غير مدروسة أو مواقف غير ناضجة وليس بشكلٍ تلقائى وبدون تحضير، والعمل على إرساء أساليب وأطر توائم ما بين المصالح الوطنية لكل دولة والمصالح الجماعية المشتركة، وإزالة الشكوك وهى إحدى النقاط السوداء وعدم الثقة التى تطرأ فى السماء العربية من حينٍ لآخر، وعدم السماح للاختلاف فى الرأى أن يتحول إلى خلافات تسىء للعلاقات العربية وتنعكس سلباً على المواطن العربى.
ثانياً: ويتأثر هذا المحور بمضمون الرسالة الإعلامية العربية، خاصةً بعد أن أصبح المشهد الإعلامى العربى مزدحم بالعديد من الفضائيات والإذاعات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعى، وتحول الإعلام إلى مشارك أساسى فى تشكيل الرأى العام العربى وفى صناعة القرار، ومن هنا تأتى أهمية عملية ترشيد الخطاب الإعلامى العربى ليلتزم بحرفية المهنة وصدق الكلمة وبقواعد السلوك الأخلاقى والإعلامى وبالحس الوطنى والقومى فى تناوله للعلاقات العربية – العربية.
ثالثاً: إبقاء القضية الفلسطينية مهما كانت المشاكل والأزمات، لأن بقاء القضية الفلسطينية على رأس الأولويات العربية، وفى دائرة الاهتمام الدولى، خاصةً بعد أن فشلت جميع المساعى والمبادرات بما فيها المبادرة العربية لإيجاد حل سلمى للقضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى ودخلت القضية حالة من الجمود بسبب اختلال المعادلة مع قوة الاحتلال الإسرائيلى المحصنة ضد أى محاسبة أو عقاب من المجتمع الدولى، وأيضاً بسبب الوضع الفلسطينى والعربى، وهذا الواقع يتطلب أفكارا خلاقة ومقاربات جديدة لكسر هذه المعادلة المختلة، وبدون شك تمثل البرلمانات العربية روافد هامة للدبلوماسية العربية فى تحريك هذا الواقع لنصرة القضية الفلسطينية، وتوفير سبل الدعم الكافى لصمود الشعب الفلسطينى.
رابعاً: استعادة زمام المبادرة فى معالجة الأزمات الحادة التى يعانى منها عدد من الدول العربية مثل ما هو جارى فى كلٍ من سورية واليمن وليبيا والصومال، هذه الدول المهددة بوحدتها وكياناتها، والعمل على وقف النزيف فى الجروح المفتوحة فى الجسم العربى من خلال وضع هذه الأزمات على طريق الحل فى الإطار العربى أساساً، مع الاستفادة من الدعم الدولى، كعامل مساعد للجهود العربية.
وأضاف السفير بن حلى: أقول أيضاً أن جيلنا الحاضر مسئول على الحفاظ على مقومات الدولة الوطنية التى ضحى من أجلها آباؤنا الذين أتوا بالاستقلال والحرية، وهذه المسئولية تتطلب الاستجابة لمطالب الشعوب العربية فى عملية الإصلاح والتغيير لإرساء دعائم الدولة الحديثة بطاقات شبابها ومكونات شعبها لابد أن يتصدر الشباب العربى بطموحاته اللا محدودة.
خامساً: إعادة النظر وبشكلٍ سريع فى مفهوم الأمن القومى بأبعاده المختلفة العسكرية، الإنمائية، الغذائية.. الخ، وتشكيل مظلة أمنية عربية جماعية، والاستغناء عن المظلات الخارجية فى التسلح وفى الدفاع، وفى التحكم فى مفاتيح القرارات المصيرية المتعلقة بالحرب والسلم والأخذ بناصية العلم والتكنولوجيا فى المجالات الصناعية الحيوية بما فيها الصناعات العسكرية وعلوم الفضاء الخارجى الذى نحن بعيدين وغائبين عنه، والطاقة النووية لاستخداماتها السلمية، وفى الردع النووى عند الحاجة الماسة لتحقيق التوازن والأمن الإقليمى.
وأكد بن حلى أن الركب العربى تأخر عن القافلة العلمية الدولية، ليس فقط مقارنةً بالدول المتقدمة، وإنما بأقراننا من الدول النامية أو الصاعدة، ولذلك لابد من الهرولة للالتحاق بقافلة العلم.
وأوضح أن هناك مؤشرات تلمح إلى أن الجامعات العلمية فى الدول العربية مهددة بتعرضها لصعوبة الاعتراف بالشهادات التى تصدرها إذا ما تواصل المستوى المتردى على هذا المنوال.. فهل نحن مدركون لخطورة هذا التحدى؟
سادساً: مواجهة تنامى موجات الإرهاب المتتالية، ودحر الفكر المنحرف والمتطرف، وأهل الردة، وإنقاذ الشباب العربى من مصادرة ربيع أحلامهم ومستقبل أوطانهم من قبل هؤلاء بائعى الأوهام وسماسرة السماء وتجار الدين، وتجفيف المستنقعات التى تفرخ الإرهاب، ووأد النعرات الطائفية والانغلاق التى تتغذى على ما يفرزه الإرهاب من آفات على حساب التعايش السلمى بين مكونات الشعوب واستقرارها.
سابعاً: متى نعلن أن هناك مشروعا عربيا يتمثل فى تحول الدول العربية إلى قطبٍ فاعل فى عالمنا على غرار الأقطاب الجديدة التى تتشكل حالياً من حولنا، الاتحاد الأوروبى، الآسيان، أمريكا الشمالية، البريكس.. الخ. وهذا الهدف يتطلب الإسراع فى بناء تكتل اقتصادى قوى عربى وتنفيذ المشاريع العربية الكبرى، وفى مقدمتها الانتهاء من تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى هذا العام 2016 للشروع فى مرحلة الاتحاد الجمركى وصولاً إلى السوق العربية المشتركة عام 2020، وإنجاز المشاريع التكاملية الأخرى الخاصة بالربط بين الدول العربية كالربط الكهربائى والربط البرى بالسكك الحديدية والربط البحرى بين الموانئ العربية ومشروع ربط شبكات الإنترنت العربية Internetومشروع مبادرة الشيخ صباح أمير دولة الكويت بشأن توفير الموارد اللازمة لدعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص للصناعات الصغيرة والمتوسطة فى الوطن العربى والذى استفاد منه حتى الآن 12 بلدا عربيا بمبلغ يقارب من مليار دولار.
وأشار إلى أن هذه المشاريع الكبرى تعانى حالياً من التأخر فى الإنجاز، لذلك لا يجب تركها فى يد الخبراء وحدهم ولابد من هزة سياسية للانتهاء منها (مثل مشروع الربط العربى الذى لا يزال فى طور الدراسة منذ أكثر من 3 سنوات) خاصةً ونحن كمجموعة عربية منخرطون وملتزمون حالياً فى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2016-2030 التى حددتها الأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى، ولعبت المجموعة العربية دوراً بارزاً لإدخال الأولويات العربية ضمن الأهداف الـ17 والغايات المحددة بـ169 غاية.
ثامناً: دعم النهوض بآليات العمل العربى المشترك وفى مقدمتها جامعة الدول العربية من خلال تأكيد القرار السياسى لتحديث ميثاق الجامعة والالتزام بتنفيذ قراراتها، وتمكينها من المقومات الضرورية للاستجابة للمتطلبات العربية ومواكبة قريناتها من المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى.
تاسعاً: بلورة موقف استراتيجى عربى لضبط العلاقات مع دول الجوار الجغرافى للوطن العربى من خلال حوار صريح وجدّى لنزع فتيل الاحتقان والتوتر فى المنطقة، وطرح كافة المشاكل العالقة على طاولة البحث بغية تحقيق التوازن الإقليمى، ومصالح كل طرف بعيداً عن أسلوب الهيمنة وبسط النفوذ على حساب المصالح العربية العليا والاستقرار فى المنطقة.
عاشراً: بحث طبيعة العلاقات العربية مع القوى الكبرى فى العالم، آخذاً فى الاعتبار المتغيرات التى طرأت على العلاقات الدولية منذ خمس سنوات، واندلاع موجة الصراعات فى المنطقة العربية وفى أوكرانيا والتى أدت إلى عودة العالم لنوعٍ جديد من الحرب الباردة بين القوات الكبرى وأصبحت المنطقة العربية أحد ساحاتها الساخنة، وخطورة هذا التطور أنه لا توجد خطوط حمراء لا ينبغى تجاوزها كما كان الحال خلال الحرب الباردة قبل عام 1990 من القرن الماضى.