استنكر مجلس الوزراء الفلسطينى، قرار وزارة المالية الإسرائيلية، حجز مبلغ نصف مليون شيكل من أموال السلطة الفلسطينية، لصالح تنفيذ قرار المحكمة اللوائية، التى قررت إلزام السلطة الفلسطينية بتعويض من قالت إنهم تعرضوا للتعذيب والأضرار من قبل السلطة بتهمة التجسس لإسرائيل.
وأشار مجلس الوزراء، خلال جلسته الأسبوعية، برئاسة رامى الحمد الله، فى مدينة رام الله، اليوم الثلاثاء، إلى أن هذا المبلغ هو الدفعة الأولى من سلسلة دفعات قد تصل إلى ملايين الشواكل ستقوم الحكومة الإسرائيلية بحجزها لهذه الحجة الواهية.
وعدّ المجلس، أن هذا الإجراء ما هو إلا قرصنة إسرائيلية على الأموال الفلسطينية، ضمن سياسة احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية التى اتبعتها الحكومة الإسرائيلية مرات عديدة، ورفض الحكومة الإسرائيلية إطلاع الجانب الفلسطينى على تفاصيل ما يتم اقتطاعه من هذه العائدات، وإصرارها على التصرف بالأموال الفلسطينية بإرادتها المنفردة، ورفضها تدقيق كل الفواتير منذ قيام السلطة الوطنية، ورفضها حل الملفات المالية العالقة. وشدد على أن الحكومة ستتخذ كل ما يلزم من إجراءات لاسترداد الحقوق المالية الفلسطينية.
ورفض المجلس، ما ورد فى خطاب نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس، أمام الكنيست الإسرائيلية، بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس قبل نهاية العام المقبل، وذلك بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وشدد المجلس على أن الولايات المتحدة ما تزال مصرة على الوقوف مع الجانب الخاطئ من التاريخ، وخرق قواعد القانون والإجماع الدولى.
وأكد المجلس، أن حقوقنا الوطنية الفلسطينية هى حقوق ثابتة ومشروعة، وأن الكل الفلسطينى مطالب، فى هذه المرحلة الفارقة والخطيرة، بالمزيد من الوحدة والالتفاف حول قيادتنا الشرعية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، فى موقفها الحازم والحاسم بالحفاظ على استقلالية القرار الوطني، وصون الإنجازات والمكتسبات الداخلية والدولية التى حققناها، والتمسك بالثوابت الوطنية وفى القلب منها، صون القدس ومكانتها وتاريخها ومقدساتها، مطالباً المجتمع الدولى بكافة أطرافه وهيئاته وقواه المؤثرة، بإلزام إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" بوضع حد لسياساتها الاستيطانية وممارساتها، مشيراً إلى أن الحل القائم على مبدأ الدولتين على حدود العام 1967 بات فى خطر حقيقى وداهم، تحت وطأة القرارات الأميركية الأحادية غير المسؤولة، وما نتج، وينتج عنها من تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية ضد أرضنا وشعبنا ومقدساتنا.
وشدد على أن على بعض أطراف المجتمع الدولى التوقف عن الانتقاد الخجول لممارسات ومخططات حكومة الاحتلال الإسرائيلى وإجراءاتها التعسفية، ومن التهرب من الإقرار بأن استمرار الاحتلال الإسرائيلى هو ليس جذر الصراع الفلسطينى الإسرائيلى فحسب، وإنما مصدر العنف فى المنطقة، بل وترفض إدانة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى ومحاسبته عنها، وتقف مساندة وداعمة لممارساته، فى الوقت الذى تطالب فيه بإدانة المقاومة الفلسطينية السلمية للاحتلال والتى أقرتها الشرعية الدولية، داعياً دول العالم الحر إلى دعم حق شعبنا الفلسطينى فى إنهاء الاحتلال وفقاً لقواعد الشرعية الدولية، ووضع الأسس المرجعية للعملية السلمية، وإزالة الاستيطان، وحل جميع قضايا الوضع النهائى وعلى رأسها قضية اللاجئين، استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)، والإفراج عن الأسرى، وتجسيد إقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.
وأدان المجلس بشدة، شن قوات الاحتلال عملية عسكرية واسعة النطاق فى جنين، أدت إلى استشهاد الشاب أحمد إسماعيل جرار (22 عاماً)، وإصابة العشرات من المواطنين، بالإضافة إلى هدم عدد من منازل المواطنين. كما أدان سياسة الإهمال الطبى المتعمد التى أدت إلى استشهاد الأسير حسين حسنى عطا الله، بعد معاناة من مرض السرطان.
وحمّل المجلس سلطات الاحتلال وإدارة مصلحة سجونها، المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الصّحى للمعتقل عطا الله واستشهاده، ورفض الإفراج عنه لتلقى العلاج فى المستشفيات الفلسطينية، مناشداً كافة الهيئات الدولية التدخل العاجل لوضع حد لمعاناة الأسرى فى معتقلات الاحتلال، وإجبار سلطات الاحتلال على تطبيق القانون الدولى والإنسانى والمعاهدات الدولية بالخصوص.
وعلى صعيدٍ آخر، أشاد المجلس بنتائج أعمال مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس - الذى عقد بالقاهرة مؤخرا - والمواقف التى عبر عنها فى بيانه الختامي، والذى رفض فيه قرارات الإدارة الأميركية الأخيرة رفضاً قاطعاً، وشدد على أن القدس هى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة والتى يجب العمل الجاد على إعلانها رسمياً والاعتراف الدولى بها وقبول عضويتها الفاعلة فى كافة المنظمات والهيئات الدولية.
وشدد المجلس على أهمية هذا المؤتمر لوضع القدس فى المكانة التى تستحقها فى صدارة الوعى والاهتمام العربى والإسلامي، وأكد أهمية تقديم الدعم لتعزيز صمود أهلنا فى القدس، والانتصار لدعوات الرئيس للأشقاء العرب والمسلمين والمؤمنين من كل أنحاء العالم لزيارة القدس العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية للتأكيد على عروبة القدس وصلة جذورها بتاريخ وحاضر ومستقبل شعبنا والأمتين العربية والإسلامية.
وفى سياقٍ آخر، حيّا المجلس موقف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الرافض للابتزاز والتهديد الأمريكي، وإصرارها على المضى قدماً فى تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين فى الوطن وبلدان الشتات، رغم القرار الأمريكى بتجميد مبلغ 65 مليون دولار من أموال المساعدات الأمريكية المخصصة للوكالة.
وفى هذا السياق، شدد المجلس على ضرورة تحمل المجتمع الدولى لمسؤولياته لضمان استمرار عمل الوكالة، داعياً دول العالم إلى سرعة تقديم الأموال اللازمة، وضرورة إطلاق حملة عالمية لجمع الأموال لتغطية العجز حتى تتمكن من مواصلة تقديم خدماتها لأبناء شعبنا اللاجئين فى مختلف أماكن تواجدهم، وذلك إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها الشاهد الحى على استمرار مأساتهم.
وجدد المجلس التأكيد على موقف القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية المبدئى والثابت تجاه حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بتطبيق القرار (194)، ورفض كافة أشكال التوطين، وأكد ضرورة استمرار عمل وكالة الغوث فى تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وفق التفويض الممنوح لها بموجب القرار (302) الصادر عن الأمم المتحدة.