نشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية، اليوم الأحد، عدد من الوثائق السرية الخاصة بزيارة الرئيس المصرى أنور السادات إلى القدس فى عام 1977، حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية.
وجاء فى الوثائق، التى رفعت إسرائيل السرية عنها اليوم، أن زيارة السادات إلى الكنيسيت الإسرائيلى أحدثت انقساما فى صفوف قادة الجيش.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الوثائق المفرج عنها هى عبارة عن محاضر اجتماعات قادة الجيش الإسرائيلى.
وذكرت الوثائق أنه كانت هناك خلافات حادة بين الأركان العامة للجيش الإسرائيلى حول جدية نوايا الرئيس السادات والقضية الفلسطينية، التى طرحها السادات على طاولة المفاوضات.
وكان الرئيس السادات قد ألقى خطابا تاريخيا، فى 20 نوفمبر 1977، أمام الكنيست الإسرائيلى تحدث فيه عن قراره بالذهاب إلى "أرض العدو بينما لا تزال الحرب دائرة"، وعن رغبته فى هدم العداء والشك بين الإسرائيليين والمصريين.
وكشفت الوثائق أنه بعد يومين، لم يكن جميع قادة الجيش الإسرائيلى متفائلين بشأن آفاق السلام مع مصر. كما أنه بعد أربع سنوات فقط من حرب 1973، كان جنرالات الجيش، الذين شاركوا فى الحرب، يتشككون فى نوايا السادات.
واتخذ رئيس الأركان موردخاى غور موقفا حذرا، قائلا إنه تلقى تعليمات من وزارة الدفاع لإعداد إمدادات طارئة للحرب. وقال رئيس القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلى هرتزل شافير "سؤالى الأول هو هل بإمكاننا معرفة ما يريد السادات تحقيقه حقا؟" والإجابة هى لا".
ومن ناحية أخرى، أظهر الجنرال أفيجدور بن غال تفهما أكبر للزيارة التاريخية، التى مهدت فى نهاية المطاف الطريق لإبرام معاهدة سلام بين البلدين.
وقال إن زيارة الرئيس السادات إلى أرض إسرائيل والتحدث إلى الكنيست هو حدث تاريخى، مشيرا إلى أنها "ليست خطوة دعائية بل خطوة صادقة وحقيقية تتعلق بشخصية الرئيس المصرى السياسية المعقدة".
ووصف بن غال الخطابات التى ألقيت فى الكنيست، بشأن الزيارة، بأنها "حوارا للصم"، متهما الحكومة الإسرائيلية بأنها تظهر "افتقارا إلى الفهم والمرونة ولم تفهم الفرصة الكبرى التى توفرها زيارة السادات إلى إسرائيل".
واتفق أيضا على نفس الرأى الجنرال شلومو جازيت، رئيس المخابرات العسكرية، معربا عن رفضه لخطاب الكنيست الذى أدلى به رئيس الوزراء آنذاك، مناحيم بيغن، الذى اعتبره أكثر خطورة من السادات.
ومن جانبه، أعرب نائب رئيس الأركان رافائيل إيتان عن تفاؤله قائلا "أعتقد أن المواقف المتباينة التى يبديها الجانبان طبيعية وأن هذا المفاوضات غير عادية"، مضيفا "الزيارة تعتبر إنجازا لأنها مفاوضات مباشرة للمرة الأولى".
وذكر إيتان أيضا أن زيارة الزعيم المصرى يمكن أن تكون سابقة لقادة عرب آخرين، مضيفا أنه ربما يحضر إلى إسرائيل رؤساء عرب آخرين.
وتابع "لدينا مفاوضات مباشرة وعلنية لأول مرة فى التاريخ، اسمحوا لنا بالعمل بهذه الطريقة وسنرى ما سيسفر عنه ذلك. إذا كان الملوك والحكام العرب يملكون عقلا، فإنهم سيرسلون إلى هنا أحدهم مرة كل شهر، وهنا سيتوقفون عن العمل، وبذلك سوف يكسبون الكثير من الأرباح".
كما تم طرح موضوع الفلسطينيين مع مطالبة السادات بانسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإقامة دولة فلسطينية.
وقال بن غال "أعترف بأن هناك قضية فلسطينية وسيثبت التاريخ ذلك فى نهاية المطاف، يجب أن تحصل الذريعة الفلسطينية على دولة، يمكن لنا تأجيل ذلك بإجراءات كهذه أو تلك، ولكن هناك حركة وطنية قائمة ونشطة، وتستند فى نهاية الأمر ليس على السياسيين، وإنما على رغبة العرب الصادقة فى الوصول إلى دولة مستقلة". فى حين قال غازيت إنه "يجب أن يكون هناك حلا للمشكلة الفلسطينية".
وتحدث رئيس الأركان غور عن اجتماعات سابقة لقادة هيئة الأركان مع غولدا مائير، رئيسة للوزراء، ووزير دفاع موشيه دايان، ذكر فيها أنه "لا يمكن تجاهل المشكلة الفلسطينية".
واعترف الجنرال، يورى سيمتشونى، بضرورة الاعتراف بوجود الفلسطينيين، مضيفا "حتى قتل الفلسطينيين يتطلب الاعتراف بأنهم موجودون، لا يهم ما تعتقد أنه يجب القيام به معهم، وما إذا كان ينبغى منحهم دولة أم لا، أولا وقبل كل شىء، تحتاج إلى الاعتراف بوجودهم".