تحول الرئيس الأسبق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا من صاحب معجزة إلى متهم محكوم عليه بالسجن، وبفارق ضئيل 6 أصوات مقابل خمسة، رفض قضاة المحكمة العليا اللجوء الأخير لدا سيلفا لوقف اعتقاله، وقادت المحكمة رمز النجاح الذى يتمتع بشعبية كبيرة، والذى كان يستعد لتولى منصب الرئاسة فى الانتخابات البرازيلية المقبلة، إلى السجن لمدة 12 عاما.
جاء الحكم بمثابة الصدمة بالنسبة لمؤيدى الرئيس البرازيلى الذى استطاع أن يحقق طفرة اقتصادية، وتمويل البرامج الاجتماعية، ونقل الملايين من البرازيليين من الفقر، وتوسيع الدور الدولى لأكبر دولة فى أمريكا اللاتينية.
وأصبحت البرازيل ساحة كبيرة من الأحداث المطولة التى لا يمكن التنبؤ بنتيجتها او تطورها خاصة فى قضية الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا الذى أوشك أن يصبح سجينا فى الأيام المقبلة، ولمدة 12 عاما بتهمة الفساد، إلا أن هناك توقعات بأنه سيقضى بضع أسابيع فقط بفضل شعبيته الكبيرة التى ربما أن تخرج فى مظاهرات لا يستطيع أحد إيقافها.
ووفقا لصحيفة "الباييس" الإسبانية فقالت فى تقرير لها، إن دخول لولا دا سيلفا السجن سيكون له عواقب سياسية هائلة خاصة بعد ان أعلن نيته فى الترشح فى الانتخابات الرئاسية البرازيلية المقررة فى أكتوبر المقبل، وتصدره جميع استطلاعات الرأى.
وعلى الرغم من أن سجن لولا دا سيلفا يفسره البعض بأنها علامة على أن التحقيقات ضد الفساد لن تتوقف وأنه لا يوجد أحد فوق القانون، إلا أن هناك من ينظر إلى تلك القضية بشكل مختلف وهو نجاح دا سيلفا لمدة 8 سنوات فى تحقيق النمو الاقتصادى والمساواة فى المجتمع البرازيلى، وأن البلد يحتاج إليه فى الوقت الحالى أكثر من كونه متهما فى قضية فساد، وهناك من يعتبره مجرد كبش فداء ضمن نظام سياسى، خاصة بعد التدخل المتلاحم للجيش خلال ساعات انعقاد الجلسة للضغط من أجل سجن لولا.
لولا يمكن أن يدخل السجن من الأسبوع المقبل يوم الثلاثاء 10 أبريل، ولكن محامى الرئيس الأسبق يحاولون كسب بعض الوقت، وبعد أيام قليلة يمكنهم تقديم مورد جديد يفتح الباب مجددا امام لولا دا سيلفا لمغادرة السجن والعودة إلى الحياة السياسية، ونفس المحكمة التى قادته إلى السجن تسمح له بالمغادرة فى وقت قصير جدا.
ولد عام 1945، فى أسرة فقيرة، وعمل بائعا للفول السودانى وهو لا يزال طفلا، كما بدأ تعلم القراءة والكتابة عند سن العاشرة، وبدأ حياته كعامل معادن، حيث اتجه نحو مدينة صناعية بالقرب من ساو باولو، وفقد الأصبع الصغير من يده اليسرى فى حادث عام 1960.
وظهر اهتمام الرئيس البرازيلى الأسبق بالسياسة بعد وفاة زوجته الأولى نتيجة لالتهاب فى الكبد، حيث اتجه نحو النشاط النقابى، ليصبح زعيم اتحاد عمال المعادن، والمكون من 100 ألف شخص فى عام 1975، وفى عام 1980 جمع النقابيين والمثقفين والناشطين فى الكنيسة لتأسيس حزب العمل، والذى أصبح بعد ذلك أول حزب اشتراكى كبير فى تاريخ البرازيل.
وبعد 4 محاولات لأن يصبح رئيسا للبرازيل، تم انتخاب سيلفا رئيسا للبلاد فى عام 2002، وتولى منصب رئيس البرازيل لفترتين، تعهد خلالهما بالقضاء على الجوع، وخلق دولة ذات ثقة، ومظهر خارجى.
واستطاع الرئيس البرازيلى السابق خلال فترة رئاسته، أن ينقل البرازيل من الفقر المدقع عبر إصلاحات كبرى للنظام السياسى والاقتصادى، وعبر فترة الرئاسة لـ8 أعوام ضخ مليارات الدولارات فى البرامج الاجتماعية، نجح معها فى محو عدم المساواة التاريخية فى البرازيل.
وعلى مستوى الأجور ومعدل التضخم فى البلاد، وهما من أهم ما يشغل بال مواطنى أى دولة فقيرة، استطاع أن يرتفع بالحد الأدنى للأجور، لتصبح أعلى من معدل التضخم، واستطاعت البرازيل طوال فترة حكمه تحقيق فائض بميزانها التجارى، ومساعدة الأسواق المالية عن التخلى عن مخاوفها.