ساعد الناخبون المتعلمون البيض كبار السن دونالد ترامب فى الوصول إلى البيت الأبيض فى انتخابات الرئاسة عام 2016.
أما الآن فقد أظهر استطلاع جديد لرويترز/إبسوس وتحليل لبيانات الدوائر التى تشهد تنافسا شديدا أن هؤلاء الناخبين بدأوا يميلون ناحية الديمقراطيين بما قد يقلب الموازين فى سباقات متقاربة على مقاعد الكونجرس من نيوجيرزى إلى كاليفورنيا.
وأوضح الاستطلاع الذى أجرى خلال أول ثلاثة أشهر من العام الجارى أن البيض على مستوى الولايات المتحدة الذين تجاوزت أعمارهم الستين من خريجى الجامعات أصبحوا يفضلون الديمقراطيين على الجمهوريين فى سباق انتخابات الكونجرس بهامش نقطتين.
وكانت تلك الفئة العمرية ذاتها أيدت الجمهوريين من قبل بفارق عشر نقاط مئوية.
ويمثل هذا التحول البالغ 12 نقطة واحدا من أكبر التحولات فى التأييد لصالح الديمقراطيين فى استطلاعات رويترزإبسوس على مدار العامين الأخيرين.
وإذا استمر هذا الاتجاه فسيواجه الجمهوريون صعوبات فى الحفاظ على سيطرتهم على مجلس النواب وربما مجلس الشيوخ فى الانتخابات خلال شهر نوفمبر الأمر الذى قد يكون له تأثير سلبى على الأجندة التشريعية للرئيس ترامب.
وقال لارى ساباتو أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرجينيا الذى يتابع السباقات السياسية عن كثب "الكتلة الحقيقية للجمهوريين هى البيض من كبار السن وإذا خسروا أرضا فى هذا القطاع فسيشهدون موجة عاتية. وإذا استمر هذا الأمر حتى نوفمبر فسيكون مآلهم هزيمة ساحقة".
وعندما سئلت رونا مكدانييل رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهورى عن هذا التحول أشارت إلى نشاط قوى فى مجال جمع التبرعات وقالت إن الحزب سيدفع بحملات قوية فى الولايات التى تشهد منافسة قوية، وأضافت فى بيان "نحن لا نتهاون فى أى صوت".
المحاسب جون كام (63 عاما) من توسون ظل جمهوريا منذ إدارة الرئيس نيكسون لكنه يقول الآن إنه سيؤيد مرشحا ديمقراطيا للكونجرس على الأرجح فى نوفمبر.
والسبب فى انشقاقه هو التأمين الصحى وكذلك التغييرات الأخيرة فى نظام ضريبة الدخل. كذلك فإنه يؤيد اتخاذ تدابير للحد من انتشار السلاح رفضها الحزب.
وقال كام "أنا جمهورى معتدل. ومع ذلك فقد ابتعد حزبى عن ذلك. لذا أعطونى ديمقراطيا معتدلا".
وليس كام وحده فى مخاوفه فيما يتعلق بالرعاية الصحية. فقد أظهر الاستطلاع أن عدد المتعلمين الأكبر سنا الذين اختاروا الرعاية الصحية على رأس أولوياتهم ارتفع لما يقرب من ثلاثة أمثاله على مدار العامين الأخيرين من ثمانية فى المئة إلى 21 %.
ولم يتضمن الاستطلاع أسئلة عن مخاوف المشاركين فيه عن الرعاية الصحية على وجه التحديد.
إلا أن العادة جرت على أن مخاوف الناخبين تتباين. فالبعض يخشى إلغاء قانون الرعاية الميسرة الذى اعتمده الرئيس السابق باراك أوباما لتوفير تأمين صحى مدعوم لملايين الأمريكيين والتوسع فى الرعاية الصحية للفقراء.
ويخشى آخرون ارتفاع كلفة الأدوية وكلفة الرعاية الصحية عموما.
مما يضخم الأثر المحتمل لأى تحول لصالح الديمقراطيين أن المتعلمين الأكبر سنا ناخبون يعول عليهم. فهم يمثلون نسبة لا بأس بها من المشاركين فى التصويت فى كثير من الدوائر التى يكون السباق الانتخابى فيها متقاربا.
ومن المحتمل أن يحسم تصويتهم الانتخابات فى ما يصل إلى 26 دائرة تشهد تنافسا فى انتخابات الكونجرس. وأظهر تحليل أجرته رويترز لبيانات التعداد السكانى الأمريكى أن الناخبين كبار السن من أصحاب التعليم العالى يمثلون ما بين خمسة و10 فى المئة من السكان فى تلك المناطق.
ويحتاج الديمقراطيون إلى اقتناص 24 مقعدا للفوز بالسيطرة على مجلس النواب.
وبصفة أعم فإن كبار السن بين الأمريكيين البيض بغض النظر عن مستواهم التعليمى سيصوتون على الأرجح للجمهوريين لا الديمقراطيين لكن الميزة التى يتمتع بها الجمهوريين فى هذه الفئة تقلصت بنحو خمس نقاط مئوية عند مقارنة الربع الأول من 2018 بالربع الأول من 2016.
للناخبين المتعلمين الأكبر سنا سطوة أكبر فى الدائرة الثانية بانتخابات الكونجرس فى أريزونا حيث يعيش جون كام، فهم يمثلون حوالى 10% من السكان فى تلك الدائرة حسبما يوضح التحليل.
وقال بول بنتز الخبير الاستراتيجى فى شؤون أريزونا واستطلاعات الرأى الذى عمل فى العديد من حملات الجمهوريين إن هذه الدائرة تجاور حرم جامعة أريزونا توسون وتضم بعض الجيوب القليلة لليبراليين وهى أكثر الدوائر تنافسية فى أريزونا.
وبينت بيانات الناخبين فى أريزونا التى اطلعت عليها رويترز أن الناخبين الأكبر سنا فى الدائرة الثانية، سواء من يحملون شهادات جامعية أم لا، كانوا يمثلون 40% من الناخبين فى 2016 التى أبقت على الكونجرس فى أيدى الجمهوريين وأتت بترامب.
وقال بنتز إن التحول لصالح الديمقراطيين فى منطقة توسون قد يكون كافيا لحسم النتيجة لكنه حذر من المغالاة فى تفسير الزيادة فى القلق الخاص بالرعاية الصحية.
وأضاف أن الجمهوريين قد يفوزون مع ذلك بأصوات الناخبين بالتركيز على قضايا الهجرة ودعم الجيش.
كذلك فإن الناخبين المتعلمين الأكبر سنا يمثلون ما يقرب من 10 فى المئة من السكان البالغين فى دائرة الكونجرس الحادية عشرة التى تشهد منافسة حامية فى شمال نيوجيرزى وثلاث دوائر بها منافسة حامية فى جنوب كاليفورنيا وكذلك مقاعد عليها منافسة شديدة فى إيلينوى وتكساس والدائرة العاشرة فى فرجينيا.
على المستوى الوطنى قال خبراء الاستراتيجية فى الحزب الديمقراطى إن الديمقراطيين يعتزمون شن حملة قوية لكسب أصوات الناخبين كبار السن بالتركيز على قضايا مثل الضرائب والرعاية الصحية والاقتصاد مع اشتداد سخونة حملات الدعاية الانتخابية فى وقت لاحق من العام الجارى.
أما الجمهوريون فيسعون للتركيز على مزايا التخفيضات الضريبية وتحسن الاقتصاد.
وفى إعلان بدأ نشره الأسبوع الماضى فى ولاية إنديانا تسلط جماعة برايوريتيز يو.إس.ايه أكشن أكبر جماعات الحزب الديمقراطى فى جمع التبرعات الضوء على زيادة العجز فى الميزانية الاتحادية نتيجة للتخفيضات الضريبية التى أقرها الجمهوريون.
ويقول الإعلان "الآن أصبح هناك خطة لخفض برنامج الرعاية الصحية لتمويله" فى إشارة تستهدف إثارة قلق الأمريكيين الأكبر سنا فيما يتعلق ببرنامج الحكومة للرعاية الصحية لمن هم فوق الخامسة والستين.
وقال جوش شويرن المتحدث باسم الجماعة إنها تعتزم إنفاق 50 مليون دولار على إعلانات مماثلة فى عدة ولايات منها أريزونا وبنسلفانيا وأوهايو.
وقال كينيث جونستون (82 عاما) عضو الحزب الجمهورى وهو يتسوق مع زوجته فى سوق سبراوتس الزراعى بمنطقة جرين فالى جنوبى توسون إنه غير راض عن حزبه ويشعر بمشاعر متباينة تجاه ترامب.
لكنه لم يقرر بعد لمن سيعطى صوته فى الانتخابات، وأضاف "أشعر بالقلق على الرعاية الصحية لكنى أحيانا أشعر بقلق على كل شىئ. فأنا كبير السن".